إتصلت بعد التشكيل الوزاري مباركاً لمعالي وزير التعليم العالي الجديد أ.د محمد خير ابو قديس، وداعياً له أن يُحدث فرقا في مسيرة التعليم العالي التي تعبت حد الوهن...وأصبحت بحاجة لمبضع جراح، فبادرني مشكوراً بدعوةٍ للقائه… وتم ذلك في جلسة لقرابة الساعة...قبل أيام، إستمعت لمعاليه، وكان خارجا من إجتماع مع رؤساء الجامعات، وعرفت أن معاليه يتابع كتاباتي في شؤون وشجون التعليم العالي، وأنه إختط سياسة التشاور والإستفادة من المهتمين في شؤون التعليم العالي، ويُحسبُ له ذلك، وتحدث معاليه عن التعليم عن بعد وتركيزه على تفعيله وهو القادم من تجربة غنية للتعليم عن بعد، بطبعي إيجابي وأتفاءل خيرا بكل جديد، إلى أن يثبت العكس لا سمح الله، وسبق أن كتبت عن ملفات تنتظر أي وزير تعليم عالي، وهي كثيرة وكبيرة وسأعرض لها لاحقًا، وأرجو أن تُسعف الأيام القادمة والوزارات قصيرة العمر، الوزير الجديد ليحقق منها ما يستطيع، بمساعدة وجهود الخيرين في بلدنا وهم كثر.
من حديث معاليه لاحظت إندفاعه نحو تعليم عالي حقيقي مختلف وبأدوات عصرية، وللأمانة أستوقفتني جمله لمعاليه (حين كرر في الحديث عن راحة عضو هيئة التدريس في لقاءه مع رؤساء الجامعات) وسررت كثيراً، لأننا تعودنا على أحاديث وزراء ورؤساء جامعات وتنظيرهم وحديثهم في كل شؤون التعليم العالي إلا شؤون أعضاء الهيئة التدريسية، الذين هم أساس الفعل الأكاديمي، وأشهد أنني أحبَطتُ معاليه أيما إحباط، فراحة عضو هيئة التدريس في الجامعات أصبحت حلم، وهو في صراع مع مبادئه وحاجاته وظروفه العملية والحياتية،
وفي بعض الجامعات أصبح عضو هيئة التدريس يبحث عن كرامته، أمام أعباء كبيرة، وتسلط وتعسف إداري، ومؤامرات تحاك هنا وهناك، وتهديد برزقه ووظيفته، وتعليمات لا تستند لقانون، وأصبح هاجس التصنيفات العالمية، عبء على عضو هيئة التدريس، وتهديدا لإنهاء خدماته إن لم يفرخ ابحاث سكوبس في بضعة شهور، وأصبح أساتذة بعض الجامعات مرتعاً خصباً لتجار وسماسرة ودكاكين سكوبس تحت ضغط الحاجة والتهديد بالعزل وإنهاء الخدمات، لسنا ضد البحث العلمي، ولكن ضد استخدامه لقطع أرزاق الناس ونحن نعرف أن البنية التحتية والبيئة التحتية للبحث العلمي غير متوفره للأستاذ الجامعي، وأن الجميع يكتب بحوثا للترقية إلا ما ندر، وأصبح الموضوع بلاء عام، يجب أن يُدرَس بشكل وطني ويعاد صياغته لنضمن أبحاث علمية وبحث علمي رصين تطبيقي يعود بالفائده علينا ويكون عنوانه العلم والتقدم، لا أبحاث من أجل الترقية وهوس التصنيفات فقط..!
نعم أحبَطتُ معاليه وأنا أحدثه عن واقع أعرفه في جامعاتنا… فهو يطلب الراحة لعضو هيئة التدريس، والبعض في جامعاتنا يريق كرامة عضو هيئة االتدريس على مذبح الحاجة للترقية أو الولاءات الكاذبة أو تصفية الحسابات، نعم أصبحنا نعيش في بحر لجي من المكائد والمؤامرات…وتصفية الحسابات في جامعاتنا، وفرض تعليمات بأثر رجعي..! لا تستند لقوانين، سيجد عضو هيئة التدريس نفسه في الشارع إذا طُبقت… ! نعم تطلعات الوزير عالية ويستمدها من تطلعات جلالة الملك لتعليم عالي يطاول عنان التقدم العالمي، والواقع جامعات تدار فيها حروب داحس والغبراء، في جلسات المكر والمؤامرات وعلى مواقع التواصل الإجتماعي كما شاهدنا جميعاً في المرحلة الماضية، تراق فيها كرامة عضو هيئة التدريس وراحته وتفرغه لعلمه وعمله على مذبح الشخصنة والنزوات والإدارات الرجعية هنا وهناك،ولا نسى التدخلات الخارجية في الجامعات وإداراتها، هذا وطن لن يكبر ويعلو إلا بالتعليم، والتكبُر عن الصغائر والأحقاد، هذا وطن بحاجة لصفوة المجتمع العلماء ليذهبوا لتدريس ابناءنا وبذل كل جهد ممكن بحثاً وتدريساً وخدمةً للمجتمع، فلا يجوز إشغالهم بسيل من التعليمات والمتطلبات والتعميمات وإشعارهم دائما انهم ليسوا أهلا للثقة… ! من أشباه إداريين هنا وهناك، وجرهم إلى صراعات جانبية تُفقد العملية الأكاديمية ألقها، أنا مع ملف عضو هيئة التدريس كأولوية قصوى لوزير التعليم العالي وللجامعات، لأن المدرس الجامعي هو ربان السفينة وقائد نجاحها، وهو الأقرب للطلبه، فلا يجوز إلا أن يكون محترماً معززاً مكرماً، نوفيه حاجته الماديه والمعنوية ليقوم بدوره ومهمته السامية على أكمل وجه، فلا تطلُب تعليماً من مدرسٍ مكسور ومهزوم، ومهدد... وينقصه كل شيء، نعم نحتاج إلى تغيير جذري في القاعدة قبل أن نذهب للأعلى… ونتمنى أن يُعمِل وزيرنا الشاب معول التغيير في تعليمنا العالي، وأن يحقق رؤى جلالة الملك في تعليم عالي يلبي طموحاته وطموحات أبناء الوطن… وللحديث بقية… .حمى الله الأردن.