العلامات الحيوية للإقتصاد الوطني
د. م. محمد الدباس
23-10-2020 09:10 AM
في الوقت الحالي ليس بمقدور الجميع (حفظ النعمة)، ولا حتى زيادة مصادرها أو تعظيمها، ولا متسع لدينا من الوقت لمواجهة هذا التحدي، والذي لا يبشر عالميا أو محليا بالخير سواءً على المديين القصير أو المتوسط، وما يزعزع الثقة في حالتنا الأردنية هو النتائج الحالية المحبطة للعلامات الحيوية للإقتصاد الوطني، من ارتفاع مؤشرات البطالة وقلة في الإيرادات، وزيادة في النفقات وارتفاع مستوى التضخم وغيرها من المؤشرات الأخرى، أما ما يرفع المعنويات فهو الإصرار من قبل (رأس الدولة) ومن خلال الحكومة على إحداث نقلة للتكامل الإقليمي وزيادة في المخزون والإكتفاء الغذائي، وتسليط الضوء على محركات الإقتصاد من مشاريع طاقوية أو تنموية تتعلق بالنقل المستدام، وخلق ما أمكن من فرص عمل لتحريك عجلة السوق ولمجابهة تحديات المرحلة.
(طبيا) وقبل مراجعة أي طبيب، هناك عرف متبع لقياس العلامات الحيوية للمريض من قياس للضغط والحرارة، وما يتطلبه ذلك من إخضاع للمريض لإجراء بعض من الفحوصات المخبرية، وما يلزم ذلك من إعطائه وصفة مسكنات للألم أو لتخفيض الحرارة أملا في معالجة المريض ولإستعادته لعافيته، وفي حالتنا هذه فإن العالم كله مُعتلٌ، ويسير بخطى ثابتة نحو المجهول، ومعالجة الجائحة تذكرني بمبدأ الحل المبني على (المحاولة وانتظار صحة النتائج) أو ما يعرف علميا بـ Trial & Error Solutions، سيناريوهات متعددة للحظر، خبرات مؤهلة تجوب وتصول لكنها غير كافية أمام وقع الجائحة وما قبلها، إجتهادات مبنية على أسس علمية غير مدروسة، مدارس متعددة، شطوح بالذهن عند بعض من الهواة والنتيجة وقوع اللوم وانعكاسات ذلك على المواطن، فاندفاعاتنا الوقائية تسير ضمن نطاق مبدأ محاولة معالجة الضربة المؤثرة، حيث لا ضربات استباقية وقائية، وبالنتيجة الإنتظار لحكم الله تعالى حيث لا مفر منه.
قبل أيام صدر (تقرير البنك الدولي)، وتعرض فيه الى المشهد العالمي والمحلي، فبين التقرير إلى أن المؤشرات الدولية والإقليمية وكما هو متوقع في تراجع مستمر منذ بدء الجائحة، وعليه؛ فـإن إحتمالات توقعات الانكماش للاقتصاد الأردني ستصل الى سالب (-5.5 )٪. وأن أثر الإغلاقات الإقتصادي على سوق العمالة ومداخيلها في بعض من القطاعات يتراوح بين (30%) إلى (100)%، وسيؤدي هذا الوضع القاتم إلى زيادة معدل الفقر بين الأسر الأردنية إلى ما يقرب من (29.9٪). إذن فالمشهد المحلي كما المشهد العالمي أمام صدمة إقتصادية مربكة بسبب الجائحة من جهة وانخفاض أسعار النفط لقلة الطلب من جهة أخرى. إلا أن ما يبعث على الطمأنينة هنا في الأردن هو الإصرار على الإستقواء على التحديات من جهة، ووضع حلول مؤثرة ما أمكن لضمان الصمود من جهة أخرى، وما كان كتاب التكليف السامي إلا عنوانا محددا لأولويات عمل الحكومة لهذه المرحلة، وقد تكون أولوياتها من خلال:-
1- فتح الإستثمار وإزالة كافة التشوهات التي تعيقه، ومأسسة سوق العمل.
2- إحداث نقلة نوعية جذرية في سياسات التعليم الجامعي، وتوجيه الشباب نحو التخصصات المطلوبة المتوافقة مع متطلبات سوق العمل والمهن المطلوبة، من أجل تخفيض نسب البطالة الهائلة المتوقعة في سوق التخصصات التقليدية.
3- كبح جماح الفساد بطرق قوية فاعلة تتجاوز الأساليب المتبعة، واختيار الأنسب للمواقع القيادية بكل حياد وشفافية.
4- دعم الحكومة الحالية؛ فيبدو بأنها حكومة (مرنة) ولتكن نظرتنا لها (مرحليا) إيجابية، تأخذ بعضا من القرارات وتتراجع عنها أمام وقع مبرر للشارع، ولنا في تراجعها عن موضوعي حظر صلاة الجمعة والحضانات لموقف يسجل للحكومة؛ لأن في ذلك شجاعة ومرونة واستجابة مبررة، في حين أن من سبقتها من حكومات عاندت المواطنين أمام تأخير عقارب الساعة لساعة واحدة، واعتمدت توقيتا صيفيا واحدا على مدار العام مما أدى إلى ذهاب الطلاب للمدارس في اوقات مبكرة جدا أيام الشتاء وخلق عبئا على الأسر والطلاب، وما زلت أذكر جريمة قتل إحدى الطالبات في أحد مجمعات السفريات من أحد أرباب السوابق، بسبب تواجدها في وقت مبكر من أيام الشتاء للحاق بمحاضراتها الصباحية في إحدى الجامعات البعيدة، والتي راحت ضحية لهذا التعنت، حيث لم تأخذ تلك الحكومة في حينه برأي جموع المواطنين ومن ضمنهم الطلاب لما يتعلق بإعادة النظر بموضوع التوقيت الشتوي، حيث استقوت وعاندت (في حينه) آراء ووجهات نظر مبررة.