حديث الملك : ماذا يعني رفض الخيار الأردني؟
باتر محمد وردم
27-03-2010 06:04 AM
في حديثه الصريح لرؤساء تحرير صحف يومية أردنية قبل ثلاثة أيام مضى جلالة الملك بعيدا في توضيح كافة عناصر الموقف الإستراتيجي الأردني تجاه السياسات الإسرائيلية الإستفزازية حيث تضمن الحوار رؤية الملك للخيارات البديلة في المستقبل والتي سوف تشكل ملامح الخطاب السياسي والدبلوماسي الأردني في حال وصلت العملية السياسية الحالية إلى مسار مسدود ، كما هو متوقع.
تأكيد الملك المستمر والمتكرر لرفض الأردن الموافقة على أي دور سياسي في الضفة الغربية ، أي ما يسمى الخيار الأردني هو رسالة ليس فقط لإسرائيل والمجتمع الدولي بل أيضا لبعض الأصوات النشاز التي تظهر داخل الأردن وبعض الدوائر السياسية في العالم العربي التي إما تتهم الأردن بأنه "يسعى" للعب دور سياسي وأمني في الضفة أو تشير إلى إمكانية ممارسة الضغوط من أجل توظيف "الخيار الأردني" لحل المسألة الفلسطينية في حال فشلت العملية السياسية. لمن يريد أن يفهم ويستوعب ويقرأ فإن الموقف الأردني الملكي واضح تماما ولا يمكن إعتبار أي محاولات للترويج لطرح بديل إلا بكونها جهلا أو مخططا لمؤامرة.
في رسالته لإسرائيل والمجتمع الدولي ينتقل الملك في رؤيته الإستراتيجية إلى مرحلة أبعد من التحذير من خطورة الوضع الراهن ورفض الخيار الأردني. السياسة ترتبط مباشرة بالتعامل الإستراتيجي مع الواقع ومع أن الهدف الأساسي لكل الجهد السياسي الأردني والعربي هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة فإن هناك احتمالا جديا بعدم تحقيق هذا الطموح لأسباب تتعلق بالسياسات الإسرائيلية لتغيير الواقع في فلسطين أو بسبب الإنقسام السياسي الفلسطيني المدمر على حقوق الشعب الفلسطيني ، وفي هذه الحال فإن البديل الوحيد ليس الخيار الأردني بل الدولة ثنائية القومية على حدود فلسطين التاريخية التي تعني تمتع الشعب الفلسطيني بكافة حقوق المواطنة وهذا هو الخيار الأسوأ بالنسبة لإسرائيل إذ يجردها من "هويتها اليهودية" ويجعل الضغط الديمغرافي الفلسطيني العامل الأهم في تحقيق أغلبية مستقبلية تعيد للشعب الفلسطيني حقوقه.
ولكن أهم ما تضمنه حديث الملك يبقى موجها إلى الداخل الأردني ويتعلق بالنتائج المترتبة على رفض الوطن البديل حيث أكد جلالته في معرض رده على من يطرحون جدية الخيار الأردني ووجود ضغوطات اقتصادية على الأردن أن الأردن قادر على تحمل الصعوبات في حال حدثت ولكنه لن يقبل بالانتحار المتمثل في الخيار الأردني. الرسالة الواضحة هنا مفادها أن رفض الوطن البديل ليس مجرد شعارات ومقالات حماسية ووطنية أو محاولات غير بريئة للانتقاص من حقوق مواطنين أردنيين متمتعين بكافة مزايا الجنسية أو الدعوة إلى فكر انغلاقي ، بل تعني البناء والعمل والجهد من أجل تقوية الأردن وتنميته وجعله حصينا منيعا أمام الضغوطات. أن رفض الوطن البديل هو خيار وطني يتضمن تحمل مسؤولية كبيرة وجدية والإرتقاء بالخطاب السياسي والإعلامي إلى مستوى الوحدة الوطنية الحقيقية التي لا تحاول الدعوة إلى الانتقاص من الحقوق الأساسية إو الترويج لوهم "الحقوق المنقوصة" في الداخل والخارج.
رسائل الملك واضحة وصريحة ولا مبرر بعد اليوم للإدعاء بعدم الفهم ، ومن يريد أن يبرر التقاعس عن الفهم الصحيح بعدم "وضوح الخطاب" فهو يعاني من خلل واضح في الرؤيا والإستيعاب.
batirw@yahoo.com
الدستور.