قرارات الحكومة وتفهم الناس: المسؤولية مشتركة
د. زيد نوايسة
22-10-2020 12:25 AM
لم يمضِ على وجود الحكومة الحالية عشرة أيام حتى أمطرها البعض بالنقد والمطالبة فوراً بإنجاز ما عجزت عنه سابقتها وقد أدارت أزمة كورونا سبعة أشهر في وقت مريح غير الذي تعيشه حكومة الدكتور الخصاونة وهي مقبلة على مهام كبيرة أهمها معالجة تفشي الوباء ورفع كفاءة الجهاز الطبي وإدامة الأنشطة الاقتصادية وتقديم موازنة مختلفة للعام القادم في ظرف اقتصادي هو الأصعب عبر تاريخ الدولة.
خلال الأسابيع الماضية وفي الأيام الأولى للحكومة الحالية هيمنت الإشاعات حول قرب الإعلان عن حظر شامل قد يمتد لثلاثة أسابيع حتى يتم تسطيح المنحنى الوبائي. وقد خلق هذا حالة من الإرباك والقلق خاصة لدى القطاعات الاقتصادية وضغطاً نفسياً على المواطنين.
في اشتباكها الأول مع تحدي كورونا وجدت الحكومة نفسها أمام حالة وبائية متفاقمة وقلق الناس وتحذير القطاعات الاقتصادية بأن الإغلاقات الشاملة ستشكل كارثة سواء كان يومي الجمعة والسبت أو الذهاب للخيار الأسوأ الحظر الشامل لأسبوعين أو أكثر.
المهمة صعبة؛ وأي قرار حكومي يجب أن يقاس بميزان دقيق ويراعي جميع الجوانب والأولويات وهي هنا تكاد تكون متقاربة جداً: صحة الناس وتجنيبهم كورونا وضمان كفاءة النظام الصحي، وبنفس الوقت إدامة الأنشطة الاقتصادية.
انتظرت الحكومة أسبوعاً للتقييم والبحث عن أفضل الخيارات وأقلها ضرراً على المواطنين والقطاعات الاقتصادية وبما يضمن كبح جماح انتشار الوباء فذهبت لعدم التفكير مطلقاً باللجوء للحظر الشامل في رسالة طمأنة بالغة الأهمية واقتصار الحظر على يوم الجمعة وزيادة ساعات الحظر الليلي ساعتين وحتى نهاية العام الحالي.
ماذا على الحكومة أن تفعل في مثل هذه الظروف الاستثنائية أكثر من هذا؟ لنتحدث بصراحة قد لا تعجب كثيرين ممن اتخذوا قراراً مسبقاً بمهاجمة قرارات الحكومة وانتقاد الرئيس وفريقه وسارعوا لتقديم حلول لا يتحمل من يقدمها المسؤولية في حين أن الحكومة بالمعنى الدستوري تتحمل كلفة اللجوء لأي قرار قد لا يساهم في التخفيف من تداعيات ما نحن فيه وهي أقسمت على إنجاز المهام الموكلة إليها.
أي عملية إغلاق وحظر لها كلفة وآثار وتداعيات، ولكن الدنيا ليست قمراً ولا ربيعاً. وهل بمقدور الحكومة أي حكومة في هذا الظرف والعالم تحت ضربات كورونا أن تكون أسيرة لأهواء ورغبات آلاف الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي؟
لا مشكلة في نقاش القرارات الحكومية ونقدها، ولكن هل هناك تجربة في العالم نجحت في الحد من انتشار الوباء غير التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامة واستثمار أي وقت فائض لمنع اختلاط الناس والذهاب للإغلاقات الجزئية وحظر الأيام التي لا تكون فيها الكلفة الاقتصادية كبيرة ويمكن تحملها كيوم الجمعة وهو يوم راحة أسبوعية؟
الخيارات صعبة وليس بالإمكان أن تلجأ الحكومة لأفضل من هذه القرارات؛ والمسؤولية تطال الجميع بمن فيهم المواطنين في الحرص وتجنب الاختلاط واتّباع وسائل الوقاية.
ملفان مهمان ربما من المناسب أن تتعامل معهما الحكومة بمرونة أكبر: الأول ملف التعليم ومدى زيادة استخدام محطات التلفزيون الأردني وإنشاء محطات جديدة متخصصة بالتعليم المدرسي للتعويض عن عدم وجود إمكانيات لدى الأهالي لشراء الأجهزة الإلكترونية كالحواسيب وضعف شبكة الإنترنت. والثاني: ملف الحضانات وإيجاد صيغة مناسبة لضمان استمرار عملها لأن خلاف ذلك يعني خسارة الأمهات العاملات في القطاع الخاص وظائفهن.
من الظلم والإجحاف أن نتوقع من الحكومة حلولا سريعة لأزمة عميقة حيّرت العالم وأربكته إذا لم يشعر الجميع بمسؤوليته ودوره وتحمّل- ولو بالحد الأدنى- جزء من التداعيات، لأن هذا ما يجري في العالم ولسنا بمعزل عنه.
الغد