لا يحظى مؤتمر القمة العربية في ليبيا، أو مؤتمر سرت، كما صار يطلق عليه في الإعلام، بالكثير من الاهتمام العام بأعماله وبنتائج تلك الأعمال، سلبا كان أو إيجابا، كما اعتدنا على ذلك كل قمة.
تدور في أروقة الاجتماعات التمهيدية للمؤتمر تساؤلات كثيرة ومهمة لها علاقة بوزن المؤتمر مستقبلا وأثر قراراته فيما يتعلق بالقضايا والتحديات التي تواجهها الأمة، وخاصة دورها في حشد الرأي العام الدولي لصالح إقامة السلام العادل في فلسطين، والوزن الذي ستؤخذ به جهود لجان المتابعة العربية لتنفيذ هذه القرارات.
من المعروف حتى الآن أن ستة من الزعماء العرب، على الأقل، سيتغيبون عن المؤتمر لأسباب كثيرة بعضها خاصة، وبعضها لطبيعة علاقات لم تحسم مع الدولة المضيفة؛ وأخرى بسبب حضور آخرين لا يوافقون على حضورهم، وهو ما سوف ينعكس سلبا، بالتأكيد، على طبيعة العمل العربي المشترك، الهدف الذي لم يغب يوما عن جدول أعمال أية قمة عربية؛ واتخذت قرارات لتعزيزه ،عبثا، في كل هذه القمم؛ ولكنه كان يتردى دون توقف حتى أثناء ما كان يعتقد بأنها مواقف لإعادة النظر.
يقال، بقراءة خاصة لبعضهم في دوائر الإعداد للمؤتمر، أن اختيار سرت لتكون مقرا للمؤتمر كان من قبيل التعطيل على القيام بأعماله بسهولة ويسر، فالمدينة ليست جاهزة لاستقبال العدد الضخم من السياسيين والإعلاميين الذين سيفدون إليها مما يخلق عقبات لوجستية سوف تؤثر على أعمال المؤتمر؛ بالإضافة لممارسات بروتوكولية تلجأ إليها الدول العظمى عادة حيث لا يستقبل الوافدون من زعماء الدول في المطار بل في مقر رئيس الدولة المستقبلة، وهو ما قد لا يكون مفهوما تماما في حالة مؤتمر سرت.
ثمة مشكلة أخرى مطروحة على القمة، ومن المنطقي أن تجري مداولة ساخنة بشأنها، وهي أن رئيس المؤتمر لسنة كاملة اعتبارا من يوم 28 الجاري قد طالب بتقسيم نيجيريا إلى دولتين واحدة مسلمة والأخرى مسيحية، وهو ما قوبل بالرفض والاستنكار المفهومين من قبل نيجيريا، ويجب أن يقابل بالرفض والاستنكار من المؤتمر نفسه. نيجيريا من أكبر الدول المسلمة واستعداؤها يصب في خانة المصالح المعادية لمصلحة الأمة.
كيف ستنعكس كل هذه المشاكل على نتائج أعمال المؤتمر، وخاصة، على مشروع التحرك العربي لإنقاذ القدس بتشكيل لجنة قانونية في إطار الجامعة للتصدي لعمليات تهويد القدس وما يتعرض له أهلها أمام محكمة العدل الدولية، أو المحكمة الجنائية الدولية؟ هذا بالإضافة لمشروع دعم الموازنة الفلسطينية ورفعه من 150 مليون دولار إلى نصف مليار دولار.
لا يتوقع أحد الكثير من هذا المؤتمر على الرغم من انعقاده في لحظة سياسية دولية مواتية لوقف العدوان الإسرائيلي. الاستفادة من الفرصة المتاحة ستبقى مهمة محصورة في بعض القادة العرب ونشاطاتهم، وإلا فإنها ستضيع مرة أخرى. ولو ضاعت، فإن قمة سرت ستتحول إلى مجرد حدث إعلامي يغيب عن الذاكرة بمجرد إسقاطه من النشرات الإعلامية اليومية؟
الراي.