الانتخابات النيابية وفرصة التغيير
اللواء المتقاعد مروان العمد
21-10-2020 11:49 AM
كنت قد كتبت خاطرة انتخابية اثر صدور الإرادة الملكية بحل مجلس النواب الثامن عشر والدعوة لأجراء انتخابات المجلس التاسع عشر قلت فيها : -
تقوم جدلية الانتخابات في الأردن على وجهتي نظر احداهما تعمل على المشاركة (وهي الأقلية) وفي الاغلب لأسباب خاطئة. وأخرى تعمل على عدم المشاركة ( وهي الأغلبية ) وفي الاغلب لأسباب خاطئة.
الأولى تشارك لانتخاب ابن العشيرة او ابن البلدة او المحافظة الذي تعتقد انه يمكن ان يقدم لها خدمات ولو على حساب الآخرين وبغض النظر عن جدارة وكفاءة الشخص المنتخب. او لمجرد التعصب للعشيرة او البلدة او المحافظة او لقاء منافع فورية تتحقق لهم وهو ما يسمى بالمال الأسود. وهذا يجعل أصوات الناخبين تذهب لنوعية معينة من المرشحين وبالتالي نجاحهم في الانتخابات والذين قد يكون اغلبهم غير جدير بموقعه.
والثانية لا تشارك في الانتخابات لقناعاتها ان مجالس النواب لم تحقق المطلوب منها وانها فشلت في القيام بعملها مع ان موقفها هذا هو من يفشل مجلس النواب او يضعف قوته لأنها لم تشارك وتنتخب الأفضل.
وقد أدى ذلك الى عزوف من هم الأفضل عن ترشيح انفسهم لقناعتهم انه لا فرصة لهم بالنجاح.
ويبقى ان خيار المشاركة الجماعية هو الأفضل وهو الذي يمكن ان يفرز المجلس الأفضل، وذلك لان أصوات غير المشاركين عندما يشاركون ستذهب لمن هم احق بتمثيلهم وكما ان هذه المشاركة تعطي حافزاً لمن هم افضل لأن يترشحوا لها. وبذلك تظهر المجالس الأقوى والتي من الممكن ان تقدم على تعديل الكثير من القوانين ومنها قانون الانتخاب نفسه مما سوف يزيد في فعالية وجودة هذا المجلس في المستقبل.
الا انه وبعد ان استكملت الإجراءات التمهيدية لاجراء الانتخابات وأعلنت الهيئة المستقلة للانتخابات أسماء المرشحين والقوائم الانتخابية المختلفة فقد تغيرت الصورة بالنسبة لانتخابات هذا العام بنظري . حيث بلغ عدد المترشحين 1717 مرشحاً من ضمنهم 368 من الاناث و 88 عن المقاعد المسيحية و 25 عن مقاعد الشركس والشيشان.
وهذا يشير الى زيادة عدد المترشحين والقوائم الانتخابية عن انتخابات المجلس الثامن عشر والتي جرت عام 1916 . حيث كان عدد المترشحين 1252 منهم 259من الاناث ، في حين بلغ عدد القوائم الانتخابية 226 قائمة. وكان قد شارك في الانتخابات الماضية حوالي 1,5 مليون ناخب فقط من اصل 4,134 مليون ناخب. أي بنسبة 36 % من مجموع الناخبين.
وقد جاءت هذه الزيادة بالرغم من الدعوات الكثيرة لمقاطعة الانتخابات وبالرغم مما نعانيه من ازمة اقتصادية ومن جائحة الكورونا والتي ستظل تلقي بظلالها على هذه الانتخابات وتجعلها عرضة للتأجيل حتى آخر لحظة .
كما لوحظ زيادة المشاركة الحزبية في هذه الانتخابات حيث انه من المتوقع ان تشارك فيها غالبية الاحزاب الاردنية المرخصة والبالغ عددها 48 حزباً وباعداد اكثر من الانتخابات السابقة . كما لوحظ اقدام عدداً كبيراً من الشخصيات من غير الأطر التقليدية على ترشيح انفسهم لهذه الانتخابات والتي يتوقع ان يكون لها تأثيرها في صورة المجلس القادم لو اتيحت لها فرصة الوصول لعضوية المجلس .
وهذا الامر يعتبر تطوراً ايجابياً عما كان يجري في الانتخابات الماضية وان هناك فرصة لأن يتم انتخاب عدداً كبيراً من النواب من خارج الاطر التقليدية لعضوية المجلس القادم .
ولكن هذا الامر سيبقى مرتبطاً بمدى المشاركة الشعبية في هذه الانتخابات بعيدا عن الدعوات العدمية لمقاطعتها والمحاولات التي تبذل لأقناع بعضهم بالانسحاب او الدعوة لتأجيل الانتخابات مع ان هذا الامر سيعيد المجلس السابق . كما ان زيادة عدد المقترعين بنسبة تتراوح ما بين 10 % و 20 % من الأغلبية الصامتة كفيل بتغيير تشكيلة المجلس القادم وبشكل جوهري . وكلما زادت نسبة المقترعين زادت نسبة التغيير الى الافضل .
فاذا اردنا مجلس نواب جيد وقوي فعلينا ان نذهب وبكثافة الى صناديق الانتخاب بتاريخ العاشر من شهر تشرين الثاني القادم اذا جرت الانتخابات في هذا الموعد ، وان نحسن اختيار من ننتخب بعيداً عن الاسس التي كانت متبعة في الماضي .
فهل نستغل هذه الفرصة ام سوف نكتفي بمشاهدة ما يحدث من منازلنا ثم نقوم بعد ذلك بانتقاد المجلس الجديد وانتقاد اعضائه .
وحمى الله الاردن وشعب الاردن وقيادة الاردن.