التنمية قاصرة .. بدون تعاونيات
د. عبدالحليم دوجان
21-10-2020 11:34 AM
التنمية القاصرة أو كما سميت بالتنمية الأحادية والتي تعتمد على طرف واحد سواء كان القطاع الخاص وحده أو القطاع العام وحده، فلا نجاح لها إن لم تكن تنمية قائمة على المشاركة، فهي أكثر كفاءة وفاعلية ورواجاً في العصر الحديث.
التعاون كظاهرة اجتماعية قائم على المشاركة، وبه يمكن بلوغ الهدف المنشود للجماعة، فهو ليس نظاما بل هو أسلوب عمل يستند على الترابط والتضامن بين مجموعة من الأفراد أساسه الحقوق والواجبات المتساوية.
ويتضح التعاون في العديد من أنماط النشاط الجماعي بين الأفراد متمثلا في العون والتضامن والمساعدة المتبادلة لتحقيق أهداف اقتصادية لا يمكن أن تتحقق بالمجهود الفردي، وبدأ هذا جلياً من خلال تعاون أفراد المجتمع في إقامة المساكن أو جني المحاصيل الزراعية كالقمح والزيتون وفي مناسبات الأفراح والأتراح وغيرها، حيث كان الناس يندفعون ذاتيا بمفهوم الفزعة لتقديم العون والمساعدة لصاحب الحاجة ويتوقعون المعاملة بالمثل عند حاجتهم للعون أيضاً.
بعيداً عن السرد التاريخي للعمل التعاوني في العالم بشكل عام والأردن بشكل خاص وبعيدا عن سرد أهداف العمل التعاوني الواردة في قانون المؤسسة التعاونية الأردنية، وعن ماهية الجمعيات التعاونية وعددها وتصنيفها ومشاكلها، فبمقدور الجميع الاطلاع والتعرف على واقع العمل التعاوني المرير بسهولة ودون التوقف عند محطة أشكال وأنواع التعاونيات (إنتاج، استهلاك، زراعي، حرفي، إسكان ...).
قصص نجاح الجمعيات التعاونية معدودة على الأصابع ،فتلك التي اكتست العمل التعاوني بجدية فاستمرت واستقرت في هيكلها وفي عدد أعضائها. فالعور يتضح جليا في العمل التعاوني في الأردن واضمحلال فكره، فنجد هنالك عزوفا كبيرا واحباطا وخوفا من الفشل، مرد ذلك أسباب عدة تشريعية وتنظيمية وإدارية وذاكرة سوداوية عن تاريخ الجمعيات التعاونية ، علاوة على التخلي الرسمي الحكومي عن معالجة الكثير من المشاكل التي حافت العمل التعاوني .
نحتاج دون تردد إلى إعادة قراءة مفهوم التعاونيات وترسيخه بشكل يحقق المنفعة للاقتصاد الكلي ومنفعة للأفراد أساسه التعاضد والمشاركة والتضامن في القطاعات المختلفة وعلى رأسها القطاع الزراعي، والابتعاد عن ما يسمى بمراكز الربحية بالمفهوم التجاري؛ بمعنى أن لا يكون الهدف الرئيس تحقيق الأرباح المادية المباشرة للأعضاء ؛ إذ هنا تكمن الشياطين؛ وتخلق حالة من تعارض المصالح بين الأعضاء.
فإعادة توجيه التعاونيات لتكون قوى تفاوضية لصالح أعضائها ومراكز منافع اقتصادية وليست ربحية، وبالتالي تصبح المكاسب للأعضاء اقتصادية وليس مادية مباشرة، كالشراء الجماعي وتوزيع المياه أو تأمين العمالة أو الشراكة في تسويق المنتوجات الزراعية، أو المكننة والتصنيع الزراعي على أمل أن يساهم هذا في التغلب على التكاليف المرتفعة وتحقيق إيراد مناسب للمزارع ، ومن ثم توفير سلع بأسعار مناسبة للمستهلك.