لم يدر في خلدي يوما أن يُشهر قلة من فارضي الأتاوات في الأردن ويلبسوها ثوب البلطجة، من أجل إعطاء انطباع مجاني يصور البلاد على أنها باتت مرتعا لهذه الفئة من الخارجين على القانون ونحن نتغنى بالوطن بأنه بلد الأمن والأمان.
محاولات البعض خلط الأوراق وإضفاء صبغة حقوق الإنسان وخلافه من هذه العناوين الكبيرة التي أصبحت شماعة وكلمة حق يراد بها باطل، يحتمي وراءها بعض المغرضين والمستفيدين وبخاصة ان هذه العينة من المقيمين على أراضي المملكة ولا أقول المواطنين، بكون المواطنة تفرض بداهة على كل فرد الالتزام بالقوانين والتعليمات التي وجدت من أجل توفير سبل العيش الكريم والآمن للأفراد من غير منغصات أو إفرازات تقود إلى حالة الفوضى، ليصبح فيها أرباب السوابق بديلا عن منظومة القيم التي نصت عليها حزمة القوانين والتشريعات التي تكفل آدمية الإنسان.
فارض الخاوة يحتمي وراءه بعض ممن يرون أنفسهم أعلى منزلة من مجاميع المواطنين يتعارض منهجه بالضرورة مع مفهوم حداثة الدولة، وتناسى أن هناك سلطة عليا تتمثل بسلطة الدولة التي من واجبها حفظ حقوق مواطنيها بعيدا عن التسلط وتصفية الحسابات حتى يتم حصر هذه الفئة ومحاسبتها في إطار قانوني رادع، وحتى تصبح هيبة الدولة واقعا ملموسا لا مجرد شعار يتم اللجوء إليه ردا على حالة أو حدث معين، وأن يتم التأسيس لبناء قانوني متماسك من شأنه أن يضع حدا لعلاج مثل هذه الحالات ويحاصرها في مهدها قبل أن تصبح ظاهرة يتعذر علاجها بسهولة.
ولعل البلطجة التي تعددت مسمياتها وأشكالها بات يرى فيها بعض "ممتهنيها" من ضعاف النفوس أنها الطريق الأسرع لكسب المال الأسود من خلال السطو على مقدرات الغير دون وازع من ضمير أو مهابة من قانون قد يحاسبه على فعلته النكراء لمعرفته مسبقا بعقوبة جرمه، مما يستدعي والحال هذا إلى أهمية إعادة النظر ببعض التشريعات في هذا الجانب تتضمن تعديلات ترتقي إلى مستوى معالجة هذه الحالة ووضع حد قانوني صارم لا مجال فيه لواسطة أو محسوبية.
بيد أن ما تقوم به الأجهزة المختصة من مجاهيد كبيرة لوضع حد لهذه الفئة الخارجة على القانون غير كاف وإن كانت مقدرة من جانب المواطن ولا يختلف عليها اثنان، وبات لزاما أن يوازي الجهد الأمني تعديل لبعض التشريعات التي تكفل حق الأفراد وتغلظ عقوبة من يقوم بهذا الجرم حتى لا يظن البعض منهم بأن ما تقوم به الدولة مجرد سحابة صيف عابرة وان في الأفق ما ينذر بأهمية إيجاد علاج سريع لهذه الفئة التي ضلت سبيلها بقوة وسطوة القانون.