دهشةٌ وحزنٌ وغضب يجتاحان عالمنا العربي ، أي نوع من المجرمين هؤلاء ؟؟؟!!! هو السؤال الذي تطوى عليه الأفواه ونحن نتابع ونقرأ ونشاهد ، تفاصيل الجرائم التي حصلت في عالمنا العربي في الآونه الأخيرة . الفتاة المصرية مريم والتي كانت تنتظر زفافها على عريسها الشهر المقبل ، وصالح فتى الزرقاء ، الذي اختفت إنسانية المجرمين فاستحالوا وحوشا برية ضارية فبتروا كلتا يديه وفقئوا عينه اليمنى وأرسلوا يديه لوالدته في كيس في أسلوب لم نعهده إلا في أفلام الرعب الخيالية . والطفل المغربي عدنان ، استجروه فهتكوا طفولته وبراءته ثم دفنوه ، وشيماء في الجزائر اغتصبوها ثم قطعوا جسدها إلى قطع صغيرة بدمٍ بارد ،وفي تونس عمد وحش آدمي لرحمه فاغتصبها وقتلها ونكَّل بجتها من غير رحمه ولا شفقه ، وفي فلسطين سرت روح إسراء لربها في ليلة أشد سواداً من الكُحل ولم يشفع لها استجدائها الرحمة من قاتليها بداعي الشرف ، ووحشان آخران في سوريا يقتلان عائلةً بأكملها ثلاثة أطفال وأمهم ثم يحرقوا البيت بمن فيه ، وآخرُ في لبنان يجهز على تسعة أشخاص بينهم أطفال ببندقية صيد .
جرائم تخطت كل مألوف ، وتعدت حدود خيال البشر وحتى الشيطان بذاته ، فصار القتل والتنكيل عادة ، والأغتصاب غدا جزءاً من جريمة أدهى وأشد ، و التنكيل والتمثيل بجثث الضحايا صار سمةً في كل جريمة تقريبا ، فماذا يحدث في بعض الدول العربية ؟؟؟ .
الجناية والجريمة بأنواعها كانت موجودة ، ولكن لم تكن بهذه الجرأه بشكلها ومضمونها ، البعض يعيد الأمر أنه لم يتغير شيء ولكن كل ما في الأمر أن الأعلام ومواقع التواصل الاجتماعي فضحت تلك الجرائم ، ولكن إحصاءات دولية ومنها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة أعلن أن نسبة الجرائم في المنطقة العربية ارتفعت بشكل حاد منذ عام 2011 ، مقارنةً بالأعوام التي سبقت ، فهل ما نراه الآن من انتشار للجريمة ما هو إلا مفرزات موجات العنف التي ضربت العالم العربي منذ العام 2011 .
آراء كثيرة تجيب بشكل حاسم ... نعم إنه كذلك ، في بعض الدول العربية انفلات أمني وتعويمٌ للعنف وبالذات تلك الدول التي شهدت ثورات للشعوب ضد أنظمتها ، هذا العنف الذي تم فيما بعد استدراجه بشكل تدريجي إلى مسار الجريمة المنظمة فنشأت عصابات وميليشيات استفادت من الوضع الطارئ في تلك الدول وتدعي حماية البلاد !!! فصار الاغتيال جهاراً نهارا وصار الخطف للتربح والفدية ، وانتشرت المخدرات واستشرى الفقر وتكالبت البطالة مع الجوع ، وغرقت دولٌ عدة في نمط هجين بين العنف والكسب الغير مشروع .
الإرهاب الذي استفحل كالسرطان في كل مكان ، تفنن صانعوه بالساديه ، واستعراض وابتكار طرائق قتلٍ تفوقت على صُناع الرعب في الأفلام ، أصابت العدوى مجتمعات عربية عدة ، التقت مع مفرزات العاب الكمبيوتر والتطبيقات العنيفة وبعض نصوص الدراما التي سقطت في فخ تعويم العنف المجتمعي والأسري ، كأفلام السينما المصرية التي مجدت البلطجة وغيرت من أنماط التفكير لدى طبقة كبيرة من الشباب صغار السن في المجتمعات العربية .
يقرأُ المتفائلون من بين سطور التعاطف الواسع والغضب العارم بارقةَ أمل ، فبعض المجتمعات العربية وإن تعرضت لاختلال طارئٍ في منظومة القيم ، فإنها تملك بيئةً شعبيةً رافضة ، قد تنجح في حصار الجريمة والحد منها على الأقل بشكلها الفج والجريء ، كما أن عودة الهيبة إلى المنظومة الأمنية وإتباع أسلوب المصارحة والصدق مع المجتمعات حول الجريمة وانتشارها من قبل حكومات الدول ، ستساهم في ضبط إيقاع الحياة الاجتماعية كما يقول خبراء علم الاجتماع .
وأخيراً فإن هذا لا يعني أن المشكلة محصورةٌ في المجتمعات العربية وحدها فقط ، كلا فأكثر الدول التي تدعي الأمن والحماية المجتمعية لمواطنيها ، تضرب فيها هذه الجرائم بشكلها الفج والجريء بين الفينة والأخرى وإن حملت أسباباً مختلفة عن تلك الموجودة في عالمنا العربي ، ويبقى الحل دائما وأبدا العودة للقيم وإيجاد الحلول الناجعه والعملية في تفكيك الفقر وإنهاء البطالة وسيادة العدالة .