تعود الحكاية الى عام 1986 حيث ذهبت بمعية المرحوم اللواء محمود ابو حمور وكان برتبة عقيد انذاك وانا برتبة رائد الى كلية Bramshill للشرطة البريطانية القريبة من مدينة Reading في زيارة استطلاعية لمدة 10 ايام للتعرف على البرامج والمناهج التدريبية لضباط الشرطة البريطانية ونقل ما يمكن الاستفادة منه الى اكاديمية الشرطة الملكية في الاردن.
كانت الاقامة داخل الكلية على نفقتنا الخاصة وبالطبع باسعار مخفّضة كما هو الحال لضباط الشرطة البريطانيين المقيمين في الكلية.
اثناء اقامتنا طلبنا من المسؤولين في الكلية ان نذهب ونزور مدرسة لتدريب الشرطة في لندن تدعى Hendon ، فقاموا بعمل الترتيبات اللازمة للزيارة وذهبنا بسيارة من الكلية في اليوم المحدد وامضينا يوما كاملا هناك وعدنا الى برامزهل حيث نقيم.
في آخر يوم من الزيارة اعطونا فاتورة اقامتنا من أجل التسديد ولفت انتباهنا ان الفاتورة تتضمن مبلغ 25 جنيه استرليني اجرة سيارة الشرطة التي ذهبنا بها الى مدرسة تدريب الشرطه في لندن ومبلغ 7 جنيهات ثمن وجبة طعام الغداء هناك.
سددنا الفاتورة وبالطبع بدون نقاش ولكن فيما بيننا كان من الطبيعي ونحن القادمون من بلد الكرم أن نستغرب كيف يدفع الضيوف ثمنا لوجبة غداءهم واجرة سيارة الشرطة التي اقلتهم في برنامج الزيارة.
لم تتحمل موازنة كلية الشرطة في برامزهل مبلغ 25 جنيه تكلفة نقل ضيوفهم في سيارة الكلية الى لندن كما لم تتحمل موازنة مدرسة الشرطة في لندن مبلغ 7 جنيهات ثمنا لوجبة طعام لزائريهم.
وانا انظر الى تلك الواقعة الآن، لا املك الا أن احترم نظامهم، فلا موازنة لنفقات ضيافة وهذا الامر في عرفهم لا يعيبهم على الرغم أن بريطانيا تعرف عادات وتقاليد العرب.
وهنا اتساءل وبدون الدخول في التفاصيل : كم من مبالغ طائلة تُهدر على الاحتفاء بالوفود والزوار الرسمين لبلدنا ؟.. بالتأكيد كبيرة
صحيح ان الكرم من موروثنا وهويتنا الثقافية التي نعتز بها ولكن صحيح ايضا ان لا يكون هذا الكرم مبالغ فيه على حساب المال العام.