حملة مديرية الامن العام ضد فارضي الاتاوات
المحامي عارف الوشاح
20-10-2020 01:50 AM
ان الحملات التي تقوم بها مديرية الامن العام ضد فارضي الاتاوات ليست جديدة ولم تكن وليدة ظروف استثنائية ولا ردة فعل آنية لاحداث وجرائم اثارت الرأي العام.
فلطالما كانت هذه الحملات منذ نشأة جهاز الامن العام وبصور مختلفة بعضها يتعلق بالقبض على المطلوبين للقضاء وبعضها بهدف ضبط الاشخاص المتواجدين في ظروف توجب الشبهة وبعضها متعلق بالتفتيش على المركبات ومدى جاهزيتها وقد كانت تتخذ صورا مختلفة اما من خلال دوريات النجدة والدوريات الراجلة او من خلال نقاط التفتيش او المحطات الامنية التي تم انشاؤها على مداخل ومخارج المدن بهدف التفتيش والتدقيق الامني على الاشخاص المطلوبين والمشتبه بهم ومنها كمائن ضبط تجار المخدرات والاسلحة والمتعاطين بها وقد كانت تؤتي اكلها وتحقق مبتغاها ويتم ضبط عدد من المطلوبين والخارجين على القانون.
الا ان تنوع المهام والواجبات الملقاة على عاتق مديرية الامن العام والاحداث الامنية والسياسية في التي تمر بها البلاد في بعض الفترات تشغل رجال الامن العام عن بعض هذه الواجبات لما هو اهم بنظر قيادات الامن العام وصانعي القرار، كما ان محترفي الفكر الاجرامي قد يفتعلون بعض الاحداث بهدف لفت نظر الجهات الامنية وتحويل اهتمامهم لاحداث اخرى بهدف اشغالهم وارتكاب جرائم اخرى وهذا ما حدث في فترة الربيع العربي حيث ازدهرت تجارة المخدرات والتهريب الجمركي في خضم انشغال الاجهزة الامنية بالوضع السياسي وظهور نظرية الامن الناعم في تلك الفترة ساعد في بروز هذه الظواهر.
كما قد يفتعل هؤلاء الخارجين عن القانون مشاجرات او حوادث سير بهدف ارتكاب جرائم تهريب واشغال الجهات الامنية بهذه الحوادث المفتعلة.
كما ان فارضي الاتاوات قد تطور عملهم عن الطريق التقليدية المتمثلة في توزيع المناطق والشوارع بينهم واستيفاء المبالغ بطريقة مباشرة من التجار واصحاب البسطات الى التعاقد معهم بعقود ضمنية ووهمية ظاهرها العمل وفحواها توفير الامن والحماية لمنشآت وأشخاص معينة كسائق او حارس شخصي ومقدمي خدمات تتعلق بالامن والحماية يتقاضى رواتب ومستحقات شهرية ومن صورها ايضا توزيع شبكات المتسولين على الشوارع والاشارات الضوئية وامام المساجد، وبالتالي فان الحملات التقليدية التي تقوم بها الاجهزة الأمنية تحتاج الى خطط ودراسات تشمل هذه الفئة من فارضي الاتاوات وهذا يتطلب تعاون من هذه المؤسسات لكشف هؤلاء وتعريتهم امام الجهات الامنية واتساع الحملة لتشمل هذه المجالات التي تعتبر من التحديات الهامة والرئيسية امام الاستثمار والمستثمرين المحليين والاجانب، وعند وحدة تشجيع الاستمار في ادارة الامن الوقائي او لواء الصحراء الكثير من القضايا المتعلقة بهذا الجانب، وهؤلاء يمثلون مرحلة متقدمة فهم لا يتواجدون في الساحات والشارع العام وانما يتقاضون رواتب شهرية او مبالغ توضع في حساباتهم البنكية ولا أعني هنا شركات الحماية المرخصة.
وبتتبع التاريخ الجرمي وقيود هؤلاء الاشخاص من السهولة ان يكشف عن هويتهم وهم يعتبرون
من اصحاب الياقات البيضاء والذين يتمتعون بعلاقات واسعة ونفوذ وحضور اجتماعي واقتصادي رفيع
فلا يكفي ان تقطع ذنب الافعى للقضاء عليها ولا بد من دق الرأس والعقل المدبر والمدير لهذه الشبكات.
وبالختام فاننا نشد على ايدي الأجهزة الأمنية في الاستمرار بهذه الحملة ضمن إستراتيجية أمنية بالتعاون مع باقي مؤسسات الدولة ومؤسسات المجتمع المدني ليتم القضاء على هذه الظاهرة الجرمية الخطيرة والتي لها تبعات سياسية واجتماعية واقتصادية وامنية.
حمى الله الوطن وقيادته الهاشمية وقواته المسلحة واجهزته الأمنية العتيدة.