ارتبط الهاشميون تاريخياً مع القدس والمقدسات بها فحفظوا لها مكانتها.
بدءً من جهود الملك المؤسس عبدالله الاول بن الحسين بالحفاظ على القدس ودور الجيش الاردني في الحرب العربية الاسرائيلية والذي أسهم في الحفاظ على عروبة القدس، والموقف الاردني الذي كان وما زال في تصميمه وهذا يرجعنا الى مقالة الملك عبدالله الاول رحمه الله بعنوان فضائل بيت المقدس والذي نشرته مجلة الصريح في 4 آب عام 1951م والذي كتب فيها: عجيب رأي الدول العربية في مسألة تدويل القدس وعجيب الى درجة تبلغ بها حتى انكار ذلك الاصرار الذي سبق وقامت بمقتضاه كل دولة اسلامية تحملت مسؤوليات خدمة هذه البلد المقدسة.
وقد كان لاستيلاء المسلمين على القدس معنى غاية في القدسية ومنتهى الرعاية في حفظ السلام لا الدخول على هذا البلد الخصام وقد كتب قائد الجيش الاسلامي حينذاك وهو ابو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنه الى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بأن بطريك القدس يقبل تسليمها الى المسلمين ولكن على يد عمر بن الخطاب نفسه فقبل ذلك بسرور وحضر بذاته الى فلسطين فتم دخول الجيش الاسلامي سلمياً واعترف بكافة الحقوق الدينية والكنيسة الملة المسيحية.
ولما حضرت الصلاة وهو حينذاك في كنيسة القيامة خرج الى آخر حدود الكنيسة نادى الصلاة في محل جامع عمر اليوم خوفاً من قول المسلمين هنا صلى عمر فهو مصلى لا كنيسة، ومنذ ذلك الحين الى اليوم لا يتولى الأمر على فلسطين سلطان مسلم إلا وأيد وأبقى ما تعهد به عمر رضي الله عنه، ولا ينسى المسلم صلاح الدين الأيوبي ومن قبله ومن بعده من السلاطين المسلمين وامرائهم الذين تفانوا في سبيل الاحتفاظ بهذا الشرف العظيم وعليه فكيف قالت دول الجامعة العربية بالتدويل؟ هذا أمر عجيب وهذا سبيل مريب.
أما اليوم فموقف الاردن من يومنا هذا الى عهد عمر فتلك السلسة المقدسة هي مقيدة بأعناقنا بشروطها وواجباتها وفي الوقت الذي أملي هذه الكلمات في أذاني وسمعي الى الوفد الاردني في ليك سكسس – فقد سافر لهذه المسألة وقلبي في يدي خوفاً من أن اصادف بعض ما يشق على النفس من الدول العربية قبل الدول الاجنبية وعلى كل حال فالأمر سبق وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون.
أما قداسة المسجد فتظهر لمن يريد الوقوف عليها في سورة الإسراء وما احتوت من أوامر واشارات وارشادات ومثل وعظات .وفي الأحاديث التالية التي نقتبسها من منبعها الذي لا يتطرق اليه الشك والشبهات .لذلك فأننا سنقدر ان شاء الله على كل مشقة تلحق بنا ،وكل نصيب يصيبنا .وأن مع ذلك نأمل تضافر ايدينا مع الدول العربية الشقيقة . واليك ما جاء من أحاديث نبوية عن فضائل القدس الشريف ومن الفائدة بعد هذا ان نذكر فضائل مكة وكذلك فضائل المدينة المنورة اتماماً للغرض ونفعا لمن يتطلب اليه اذ كاد الناس أن ينسوا ما هو واجب عليهم في مساجدهم الثلاثة ورد في الحديث الشريف " ولا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد ،المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى وروي عن الامام علي بن ابي طالب (رضي الله عنه) انه قال : وسط الارضين ارض بيت المقدس وارفع الارض كلها الى السماء بيت المقدس" وعن ابي هريرة انه قال: من مات في بيت المقدس فكأنما مات في السماء "وقال الامام علي كرم الله وجهه"نعم المسكن بيت المقدس به والقائم فيه كالمجاهد في سبيل الله ،وليأتن على الناس زمان يقول احدهم فيه ليتني تبنة في لبنة في بيت المقدس " وعن عمران بن حصين انه قال: قلت يا رسول الله ما أحسن المدينة ؟قال كيف لو رأيت بيت المقدس قلت وهل هي أحسن؟ قال كيف لا وكل من بها يزار ولا يزور وتهدى اليها الارواح ولا تهدى روح بيت المقدس لغيرها ؟ وعن ابي هريرة أن النبي (عليه الصلاة والسلام قال : اربع من مدائن الجنة ،مكة والمدينة ودمشق وبيت المقدس" هذا ما عبر عنه جلالة الملك المؤسس رحمه الله.
ولعلي استرجع هنا بعد كتابة مقالته ونقله حرفياً إن جلالته وكان مثالاً حيا للمحافظة على القدس الشريف ومقدساته وقد ضحى بنفسه من أجل القدس ونستذكر بيوم وفاته ما قاله مناحيم بيجن: ان عبدالله بن الحسين كان كالطود الاشم الذي وقف طيلة السنوات الثلاثة الماضية في وجه الجيش اليهودي صاداً اياه من التقدم وضم بقية اراضي اسرائيل غربي الاردن وشرقيه الى الدولة اليهودية ولما كان هذا كالطود قد انهار فان على الجيش اليهودي ان لا يضيع هذه الفرصة السانحة وان يحقق لدولة اسرائيل حدودها الطبيعية.
هذا الهاشمي ومن خلفه الهاشميين ومن بعده لم تغفل لهم عين للحظة عن حماية هذه المقدسات والفداء لها بالثمن الغالي والنفيس والانفس، وكان التاريخ القديم لا يعني الكثير بتدوين صور الفجائع مفصلة عند فقد كبار الرجال واقطاب الامم وكيف تفنى الامم وكيف تحيا الامم ان كانت في طريق الحياة مجاهدة فأننا نجري في انزال عظماء رجالنا وابطالنا منازل العظمة على مقاييس مشتقة مما لهم من جهاد في سبيل امتهم وعبدالله بن الحسين رحمه الله هو من بناة الامة العربية وعزائنا اليوم به ما تركه من ثراث واحفاد نفاخر به الامم رحم الله عبدالله بن الحسين واسكنه فسيح جنانه.