إذا صح أن الرئيس الرفاعي عاتب على الصحافة الأردنية لأنها لم توفر حكومته خلال فترة الماية يوم الأولى، فهذا يعني أن العتب مرفوع بعد نهاية هذه المهلة.
حكومة الرئيس الرفاعي تلقت خلال الماية يوم قدراً من الدعم والنقد، أما الدعم فكان من النوع الذي تقدمه الصحافة عادة لجميع الحكومات الجديدة، في حين أن النقد، الصريح والمبطن، كان خاصاً بالحكومة ورئيسها وقراراتها غير التقليدية.
قرأت مقالاً في مجلة (نيوزويك) الأميركية يهنئ فيه الكاتب الرئيس الأميركي باراك أوباما لأن الصحافة انقلبت عليه، وأصبحت تقف في الجانب السلبي من نشاطاته، وخاصة في مجال إهمال نشاطاته لدرجة عدم تغطية خطاباته بشأن مشروعه للتأمين الصحي الشامل التي اعتبرتها الصحافة مدعاة للملل.
يقول الكاتب أن الصحافة الأميركية لا تتمتع بثقة عالية من طرف الجمهور، وبالتالي فإن انتقاداتها لمسؤول سياسي قد تدل على أن لديه شيئاً جيداً. أي أنه يطبق مقولة إذا جاءت مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل! والصحافة الأردنية ليست أفضل من الصحافة الأميركية.
يدل على ذلك أن استطلاع الرأي العام حول ثقة الجمهور الأميركي بالمؤسسات المختلفة يضع الثقة بالصحافة في منطقة متدنية، جنباً إلى جنب مع البنوك، والنقابات العمالية ومجلس النواب (الكونجرس)، وكلها لا تتمتع بسمعة حسنة.
هل يعني ذلك أن إهمال الصحافة للرئيس الأميركي يبادله الرئيس بإهمال مماثل؟ يقول الكاتب أنه طلب من البيت الأبيض قائمة بالصحف التي يقرأها الرئيس فأعطوه قائمة طويلة من 15 عنواناً، مما يدل على تكريس جزء رئيسي من وقته لمتابعة ما يكتب في الصحافة.
في حالتنا يقال أن الرئيس الرفاعي يتلقى الصحف اليومية في الصباح الباكر أي قبل الذهاب إلى المكتب حيث تقدم له قصاصات إضافية من الصحف وتحت بعض سطورها خطوط حمراء لجذب الانتباه.
حكومة الرفاعي سحبت سلفاً قدراً من مصداقية النقد الموجه إليها عندما أصدرت المدونة التي ألحقت الضرر بعدد من الصحفيين الذين كانوا يعملون في الحكومة ويكتبون في الصحف في الوقت ذاته، وألغت الاشتراكات مما ألحق الضرر بالصحف وخاصة الأسبوعيات، وأصبحت أية انتقادات يطلقها المتضررون من تلك الإجراءات، تحسب من قبيل الانتقام لأسباب شخصية ونفعية.
مصداقية الصحفي هي رأسماله الحقيقي، فإذا فقدها، فإن نقده يفهم على أنه ابتزاز أو سعي لمصلحة شخصية، ومديحه على أنه نفاق يقصد به التقرب من المسؤولين ونيل بركاتهم.
الراي