أتوق أن أقضي عطلة الأسبوع برياً ، مثل قمر صحراوي ، أريده يوماً برياً كصهيل حصان جموح ، لم يعط صهوته لأحد. أريده مكتنزاً بالدفء والهدوء واللامبالاة و(التطنيش) ، أريده بلا هاتف نقال ، ينقر مخي ويشق سكوني ، أريده دون أخبار تعكر المزاج وترفع الضغط وتهيج القولون ، أريده برياً كزهرة شقت حياتها في صخرة. أريده يوماً ينسيني حزناً أرقني طيلة الأيام الثلاثة الماضية على مقالاتي الموؤدة ، رغم قناعتي أنها كانت لن تغير شيئاً. أريده يوماً مكتمل النصاب بالبساطة والبساطة.
سأنام على ضوء شمعة محتضناً كتاباً صغيراً به قصائد صغيرة ، على سبيل ترتيب الأحلام واستدعائها. ثم سأضبط ساعتي البيولوجية: كي أصحو قبل الفجر بقليل ، لأرقب نجمة الصبح (كوكب الزهرة) ، من أول طلتها في بوابة الشرق ، وسألوّح لها بيدي هامساً ، علها تعلن للعصافير أن النهار بات قاب زقزقتين أو أدنى ، فهلمي أيتها العصافير للحياة والغناء ، قبلما يخلص النهار.
بعدها سأنصت مغمض العينين لثرثرة النبعة القريبة ، فكم جميل أن تقرأ قصيدة ماء جار ، وأنت مغمض العينين. ثم سأتمارى في حبة ندى كبيرة ، علقت بورقة لوز. ثم سأمضي لأتابع بهدوء تفتح وردة جوري خجولة ، لأسرق بعض عطرها ، واستحم به،.
ظهراً سأمشي مع الوادي المسيج بأشجار الحور الآيلة إلى التفتح ، وفي الطريق سأملأ صدري برائحة القداح (نوار الليمون) ، وسأقف مثل حجر ، لأصغي لعصفور (الزريقي) المشاغب ، إذ يتراقص غناء على جذع شجرة تين طازجة الخضرة: ليغري عصفورته الواقفة بعدم اكتراث على حجر قريب. إني أصلح مأذوناً أيتها العصفورة المتمنعة،.
وسأتصنم عند شجرة بيلسان وحيدة أعرف مخبأها ، لأعد أطباق أزهارها البيضاء واحداً واحداً ، وسأعد النحلات اللواتي جئن يقطفن رحيقها بطنين خلاب ، ثم أحسب برأسي كمية العسل التي ستجنيها بعد كل قبلة. وحين أصل عين الماء ، سأرتمي من طولي وأشرب من فم النبعة ، كما يفعل العشاق ، أو كالأطفال المجدولين بالشقاوة والثغاء. أريد أن أغسل تعبي هنا ، فيسيل كما يسيل هذا الماء إلى بحره البعيد،.
ramzi279@hotmail.com
الدستور