ربما الحديث عن وزير خارج من الحكومة، وسجاياه الطيبة التي يجمع الناس عليها، يعدّ نادراً اليوم، لكنه في حالة أمجد العضايلة ليس جديداً، الرجل الدمث الخلوق، الواسع الصدر، الرضيّ، وغير ذلك من صفات أبناء الأردن الطيبين الذين يؤكدون صدق وصية الحسن البصري للخليفة الاموي حين سأله النصيحة، فقال له:»يا أمير المؤمنيين عليكم بأهل البيوتات، قال الخليفة لماذا؟ قال الحسن: لأنهم إن عدموا الدين لم يعدموا المروءة».
اقدم هذه الشهادة كغيري ممن عرفوا امجد العضايلة وهم اكثر مني صداقة معه واعمق صِلة، لكن الرجل ظلّ دوماً في خُلق أهله ومدرسته التي تعلّم منها في خدمة جلالة الملك عبدالله الثاني، وسابقا الملك الحسين رحمه الله.
عرَفت الرجل، ذات عصر لأول مرة في بين عزاء عمّاني لبيت آل عليان عام 2008 كما أظن، قدمني «الباشا» سمير الحياري لأبي غسان، الذي بادرني بالقول: من زمان بدي اشوفك واتابع مقالاتك، و(آنذاك كنت اكتب بالغد ومجلة المجلة اللندنية ككاتب بورترية ومسؤول ملف الحوارات في مكتب عمان) قلت: على الرحب والسعة، وكان حديثا قصيرا عن الثقافة وشجونها، وقلت له يومها: يجب أن يكون للديوان نافذة للثقافة، انتهى الحديث سريعاً ونهضنا.
لاحقاً، تمّ ترتيب لقاء وزرته بمكتبه بالديوان الملكي، وسألني عن فكرة النافذة الثقافية، وقلت: إنّ الأردن كان نتاج مشروع ثقافي، ومهم جدا أن يكون لكم وسط انشغالكم بالسياسي اليومي جزء من الثقافة، صحيح أن هذا عمل وزراة الثقافة، واظن يومها كان الوزير د عادل الطويسي، ولكن هناك مثقفون وعلاقات لنا معهم كدولة، ونخب يجب الاستثمار بهم كقوة ناعمة، ورعاية من يحتاج رعاية منهم ممن يجيء للأردن، وللهاشميين فصول طويله في هذا الباب.
رحب الرجل بالفكرة، وقال: لتعمل معنا بها، قلت اعتذر، واستغرب! وسأل لماذا؟ قلت: لو جئت بي، لقيل في الوسط الإعلامي انك اتيت بقريب لك، وأنا احب ان اكون كاتبا مستقلا وباحثا واستاذا جامعيا، وآنذاك كنت في جامعة فيلادلفيا،وقال: طيب والحل، قلت: هناك من هم افضل مني، وقال: غريب أول مرة نطلب من حدا يشتغل معنا هون، ويقول لي أن هناك من هو أفضل منه، وحدث أن رشحت له مفلح العداون وسامح محارق وكلاهما مثقف وله مزاياه وقدراته وحيويته وصلاته الخارجية مع رموز الفكر العربي. وصار الأمر في النهاية للأخ مفلح العدوان.
ليس هذا المهم في هذه العجالة، المهم أن كثيرا من المثقفين العرب أمثال المرحومين تركي الربيع ومحمد اركون أما حسين العمري ومحمد المسفر وغيرهما فصلاتهم مقدرة، لا بل إن واحدًا مثل المسفر كان يردد دوماً إن من اسباب محبتي ومعرفتي للأردن معرفتي بامجد العضايلة ونايف القاضي.
لا أنسى موقف العضايلة حين حدثته عن الراحل استاذنا عبدالعزيز الدوري، وماذا فعل لاجله هو شخصيا، في حين ادّعى آخرون يومها بأنهم قاموا بالعفير والنفير.
نعم أمجد العضايلة، حالة أخلاقية في الدولة الأردنية، وحين كان في موسكو، فتح باب السفارة للطلاب الأردنيين، وتابع امورهم وشجعهم، وله من النبل، وأسفار المودات الكثير الكثير في عمله كسفير.
الوزير امجد العضايلة الذي فاض الفيسبوك بالترحيب بخروجه مهنئين بالسلامة، ما زال في قمة العطاء، لكن ما حدث له كان استثنائيا، ويؤكد ان الصدق مع الأردنيين مهم، وان أهل البيوتات هم أهل مروءة، وولاء وحب للوطن.
امجد العضايلة أبوه مثل كل ابائنا الطيبين، وجده عودة صاحب حيازة غنم، وأهله كرام مثل كثير من الأردنيين، ولكنه يحب الأردن والوطن ويخدم جلالة الملك باخلاص دون رياء وادعاء أو حديث مختلف في الغرف المغلقة.
الدستور