أرقام مقلقة وأخرى مفرحة جاءت في سياق بيانات إحصائية اصدرتها مديرية الأمن العام مؤخرا بشأن عدد الجرائم التي يرتكبها الأحداث في الأردن ، فقد ارتفع عدد الجرائم التي ارتكبها طلاب المدارس في الأردن خلال العام الماضي بنسبة 9,9 في المائة مقارنة بعام 2008 ، فيما شكلت جرائمهم نحو 15,8 في المائة من اجمالي الجرائم المرتكبة في المملكة ، وقد تورط طلاب مراهقون "دون 18 سنة" في 85 جريمة إطلاق عيارات نارية خلال عام ,2009 وخلال العام 2009 بلغ عدد المركبات التي سرقها طلاب 239 مركبة ، مقارنة بـ54 في عام 2008 ، هذه هي الأرقام المقلقة ، أما المفرحة فهي انخفاض جرائم تعاطي المواد المخدرة وحيازتها بين الطلاب بنسبة 78,4 في المائة و52,6 في المائة على التوالي،.
من الصعب أن نجد تفسيرا سريعا للأرقام المفرحة ، إلا أن نقول أن الله عز وجل قيض من الظروف ما مكن أحبابنا الطلاب من الانصراف عن المخدرات لأسباب ربما تعود لنجاح حملات مقاومة هذه الآفة ، وربما يلعب الفقر دورا في هذا الأمر ، أما زيادة الاتجاهات العنفية لدى طلابنا فتحتاج إلى شيء من التحليل ، خاصة في ذروة اهتمام المجتمع المحلي بملف العملية التربوية ، وتداعياته المختلفة هذه الأيام.
ربما يقول أحدهم أن الزيادة التي طرأت على نسبة جرائم طلبة المدارس وهي نحو 10 في المائة لا تدعو لأي قلق ، ولكن الزيادة في حد ذاتها وفي هذا الوقت بالذات تؤشر على بداية تصدع في العملية التربوية ، وبلغة أخرى ، نحن نسجل المزيد من الفشل في تربية أولاد المدارس ، سواء كنا معلمين أو أولياء أمور ، إشارة رقمية اخرى تأتينا من سجلاتنا الرسمية تقول أن جرائم الأحداث (7 - 18 سنة) ، كانت تشكّل 14 في المائة من معدل الجرائم في الأردن ، وكان معظمها جرائم بسيطة مثل السرقة والمشاجرات والاعتداءات ، (اليوم أصبحت نحو 16 في المائة،) وربما يكون لافتا للنظر جنوح هذه الفئة من المواطنين إلى جرائم إطلاق النار ، وهذا تطور نوعي في حياة هؤلاء ، يعكس فيما يعكس جنوحا مجتمعيا للعنف ، لأسباب لا نعلم كنهها على وجه التحديد ، فقد كثرت التأويلات والتفسيرات ، ويحتاج الأمر لمختصين جادين للتأشير على نوعية هذا الخطر الجديد الذي بدأ يطرق أبوابنا،.
جرائم طلاب المدارس تضعنا أمام مسؤولياتنا جميعا للانتباه أكثر لما يجري في مدارسنا ، فهي الحاضنة الأساسية للتربية بعد الأسرة أو بالتوازي معها ، كي لا نُداهَم ذات يوم بما لا يسرنا ، إضافة لما نراه من خراب.
الدستور.