قد يتمكن الأردن من كسب معركته الصحية مع فيروس كورونا لكنه قد لا يتخطى بسهولة آثاره الاقتصادية خاصة في ظل ارتفاع الدين العام إلى 45.1 مليار دولار صعودا من 41.3 مليار دولار وتضاعف عجز الموزانة الى 1.2 مليار دينار مقابل 574.6 مليون دينار في الفترة المقابلة من 2019 رغم كل التعديلات الجدلية قبل عامين على قانون ضريبة الدخل ومكافحة التهرب الضريبي وسياسات الاصلاح وخفض الانفاق الحكومي التي تم اقرارها.
إن عودة العجلة للاقتصاد الأردني للدوران بشكل طبيعي لن تكون بالأمر السهل خاصة وأن شركات وطنية كبرى تحظى بالدعم المستمر حكوميا قد سجلت خسائر ليست بالقليلة خلال النصف الأول من هذا العام مثل الملكية الاردنية وشركة الفوسفات ومصفاة البترول ، فكيف هو الحال للشركات المتوسطة والصغيرة التي كانت تعاني أساسا قبل الكورونا من ظروف اقتصادية سيئة تجد نفسها الان في ظروف تتطلب عامين إلى ثلاثة ليعود الوضع كما كان عليه قبل أزمة كورونا في ظل عدم وجود أي دعم حكومي أو تسهيلات تناسب الواقع الفعلي في السوق وليس الدراسات النظرية أو الأبحاث الاكاديمية.
نجد عدد كبير من أصحاب المشاريع الاقتصادية والاستثمارية والتجارية في الأردن من مصانع أو فنادق وحتى مولات ومحلات تجارية تتفاوض مع البنوك إما لإعادة جدولة ديونها أو للحصول على قروض جديدة بهدف المحافظة على الاستمرارية فقط وليس لغايات التوسع أو زيادة الاستثمار رغم الشروط القاسية التي تنتهجها البنوك حاليا على الاقراض أيضا بفعل التخوفات من الجائحة ، بينما صندوق الضمان الاجتماعي والذي يملك النسبة الأهم من السيولة القابلة للاستثمار في الأسواق أو السيولة القادرة على تنشيط دوران رأس المال قد قام بإقراض الحكومة 500 مليون دينار منذ بداية العام الحالي ليصل اجمالي الاقتراض الحكومي من صندوق استثمار الضمان حالي 5.7 مليار دينار لغاية الأن دون تحديد طرق السداد ودون بيان أثر هذا الإقراض على الاقتصاد الوطني.
في مقال سابق تم الحديث عن أهمية ديمومة عمل المؤسسات المتوسطة وصغيرة الحجم في القطاع الخاص مع منح تسهيلات حكومية لها بوسائل وأفكار من خارج الصندوق لمساعدتها على التعافي سريعا وبما يضمن للدولة اقتصاد متوازن قادر على التعايش مع الأزمة ويضمن للحكومة ايرادات ضريبية تخفف من عجز موازنتها للعام القادم والتي نأمل أن لا يكون جيب المواطن هو أول وأسهل الحلول لتغطية هذا العجز.