هو فتى أردني، مثل كل الفتية الذين داسوا التراب وسمعوا قرع نعالهم على الصخور وفي التلال والأودية.
قرأ كتاب الوطن من الغلاف حتى الغلاف، وامتطى صهوات الفضاء الإلكتروني ليقول ما يقوله الناس، فوضع في كل ما قاله، يدا حانية على جراح نازفة، ولم يكن يطمع في سبيل ذلك منصبا ولا حضورا.
أعرف أنه أحجم عن قبول مناصب كثيرة لأنه لم يكن يرى فسحة للعمل، لكنه كان في كل أحواله، مقاتلا في الصفوف ومحاربا أبلجا ذائع الصيت.
قوي لا يخاف أحدا، ومستعد لقول كل ما يريد مهما كلفه ذلك، قوي يستقي القوة من رؤيته لصراع الثعالب التي ربت في كانتونات المصائب، وامتطت المنصات المجانية لتسويق التدليس، قوي في المودة والأناة، رفيق بالأحبة، أولئك الذين لا يبيعوا من أول سومة، ويحفظوا للندى قطرات الماء على أوراق التين.
في بيتنا وزير، هو أفضل من يعرف الخيط الفاصل بين الجحود والاختباء في عباءات الإلحاد والزندقة، وبين الحرة التي تجوع ولا تأكل بالتغريد، ولا تجحد المكرمات، قرأ في بيت العروبة درسه الأول في الصدق وفي الحقيقة وفي الموقف، لكن درسه الذي أتقنه منذ الصغر كان العناد والشراسة في الدفاع عن رأيه بحكمه وسداد. لقد صنعت منه تلك الصفة، شخصا استثنائيا في كل شيء.
في سنيّ حياته الحافلة بالعلم وبالتدريب، لم تكن الوزارة له، مطمعا ولا هدفا. لقد انحاز دائما للناس ولقد نالني من نقده ما كان تحزّبا للحقيقة وللبناء، حتى إذا رأى أنه يمكن أن يفعل شيئا، لبّى نداء القائد والوطن، وقد رأى أن للوطن وضعا اقتصاديا استثنائيا اكثر من أي وقت مضى، وأن القتال نحو استعادة نموه الاقتصادي وعراك الوباء قد خرج نحو التنفيذ، فأقسم أن يخدم الوطن والقائد بكل أمانة، والتحق بفريق وطني مميز، ترأسته قامة وطنية استثنائية، خرجت من بيت عروبي، واكتسبت بقرب جلالة الملك، رؤية حصيفة للعمل وللنهوض، ونحسبه فريق وطني استثنائي، سيحمل رسائل القيادة نحو التنفيذ.
يحمل معن عبئا كبيرا في وزارتين تضجّان بالملفات الشائكة، وفي كل الأحوال فهو محارب من طراز آخر، ابن هذا الوطن مثقفا خبيرا له باع في الإعلام وله رؤية ثاقبة، وأملك كل الثقة بأنه سينهض بالعبء باقتدار.
أكتب عن معن وقد ساءني اقتراب الناس من حياته الخاصة وشؤون أسرته، ولكأنّه منزّه عمّا يعتري الخلق كلهم من تفاصيل خاصة، ودون شك، فإن الإلتفات لهذا التعدي، ليس من شأن معن ولا من شأننا، وقد أدركنا أننا حين نتقدم للمنصب العام فإن النقد متاح ومقبول في إطار العمل وفي إطار المهمة الوطنية، لكنه أبدا لم يكن من صفات الأردنيين أن تُفتح صفحات الناس الخاصة.
لينتظر الناس قليلا، قبل أن تصدر أحكامهم دون تبيّن، وليكن عمل الوزير، أي وزير، هو هدف نقاشاتهم ومنشوراتهم، ونحن أدرى، وقد علمنا طرف الهجوم غير الأخلاقي على شأنه الشخصي، ومن وراءه ولماذا الآن، ونعلم أن غاية اختيار هذا الوقت بالذات، هي غاية مشبوهة، تستهدف الوطن وتضرب الإنجاز المحتمل في مقتل، ونسأل مع كل الشرفاء، لماذا الآن وقد كان هذا النقد من الداخل والخارج متاحا لمعن عبر صفحاته وعبر الفضاء الإلكتروني قبل ذلك، لكننا نريد من الناس أن يعلموا، وأن يتبيّنوا، نبأ الفسّاق، قبل أن يصيبوا قوما بالجهالة فيصبحوا نادمين.
في بيتنا وزير، لا يلتفت للصغار على قلّتهم، وغير معني أبدا سوى بالبدء بالعمل، ويملك بكل قوة واقتدار حق الرد على كل شيء، وأعلم أنه سيكمل رسالة المخلصين ، تلك التي وعيناها في الطفيلة وفي عواصم العروبة، أن لا نحفل سوى بتشييد المبدأ وتعميره، وأن حب الوطن يكون في بنائه وقبل ذلك بتوفيق الله والتوكل عليه.