هي تقاليد كانت مرعية ومنقولة عن الغرب بأن لا توجه إلى الحكومة الجديدة ورئيسها أية انتقادات حادة خلال المئة يوم الأولى من عمرها إلتزمت بها أدبيا وعلى مضض الصحافة التقليدية على مر الحكومات، عندما كانت تتربع وحيدة الى جانب الإذاعة والتلفزيون في صدارة المشهد الإعلامي لكن هذا التقليد لم يعد قائما فهناك اليوم ألف منبر ومنبر ومثلها ملايين الصفحات على مواقع التواصل الإجتماعي لا توفرتعليقا هنا ولا صيدا ثمينا هناك ولا تفرق بين إشاعة وحقيقة، ومن فرط الاستعجال يخطئ القائمون عليها بالإملاء ويخرقون قواعد اللغة أو هم كذلك.
الفترة التي تمنحها الصحافة للحكومة في العادة تعتبر بمثابة شهر العسل تكون فيه الحكومة حرة التصرف ووضع الخطط دون نقد.
لا أظن أن هذه القاعدة قد تنطبق على حكومة الدكتور بشر الخصاونة لأن المئة يوم الأولى خرقت بالفعل عبر آلاف التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن من حق الحكومة الجديدة أن تتمتع بالحصانة من النقد في المئة يوم الأولى.
الرأي العام الأردني عجول وملول يريد نتائج سريعة وهو عجول بالنقد أيضاً وعَجُول في تصيد الأخطاء وإستدعاء التاريخ لوزراء سابقين أعيد توزيرهم ولآخرين جدد.
من الواضح أننا أمام تشكيلة وزارية كبيرة راعت التمثيل الجغرافي بأكثر مما تمكن الرئيس أن يفعل ما يعني أنها مستمرة في الحكم بهذه التشكيلة من دون أية تعديلات الى ما بعد الانتخابات العامة ويتقدم بها لنيل ثقة البرلمان الجديد لكن هذا يبقى مجرد احتمال يمكن أن يتغير بعد المئة يوم فهي كما أنها فرصة للحكومة كي تعمل من دون إزعاج هي فرصة للرئيس للتقييم فإما أن يخفف أو يثبت.
كتاب تكليف الحكومة الجديدة جاء شاملاً مثل كتب تكليف الحكومات طويلة الأجل، لكن هذا لا يعني أنها تستطيع أن تحققه خلال عمرها المفترض فالحكومات تراكمية، فما يطرحه الملك في كتب التكليف السامية هو مبادىء دولة أما برنامج الحكومة فهو خططها لتنفيذ هذه المبادىء.
توقعات الناس من الحكومات متقلبة ترتفع وتنخفض إما بسبب خيبات الأمل من الفجوة بين الآمال المعقودة التي تبنى على وعود وبين النتائج التي تصطدم بمحددات وإخفاقات لكن الفرق هنا أن الحكومة الجديدة لديها برنامج جاهز للعمل حدده كتاب التكليف السامي وما عليها سوى البدء بالتنفيذ ببرامج عملية وواقعية وقراراتها ستكون جاهزة للنقاش لأنها ستكون أمام برلمان جديد متحمس ورأي عام واسع دخل عليه وتصدره من الغث الكثير.
الرأي