لعل الفهم الشائع للمشاركة السياسية في الأدبيات السياسية هو أنها تلك الأنشطة الإدارية التي يزاولها اعضاء المجتمع بهدف اختيار حكامهم وممثليهم والمساهمة في صنع السياسات والقرارات بشكل مباشر أو غير مباشر .
هذه الأنشطة يمكن تصنيفها لمجموعتين الأولى أنشطة تقليدية أو عادية أبرزها التصويت في الانتخابات ومتابعة الأمور السياسية، والدخول مع الغير في مناقشات سياسية، وحضور الندوات والمؤتمرات والاجتماعات العامة، والمشاركة في الحملات الانتخابية بالمال أو الدعاية، والانضمام الى جماعات المصالح، والانخراط في عضوية الأحزاب السياسية، والاتصال بالمسؤولين، والترشيح للمناصب العامة، وتقليد المناصب السياسية.
ويعد التصويت أكثر انماط المشاركة السياسية شيوعا حيث تعرفه الانظمة الديمقراطية وغير الديمقراطية على السواء مع خلاف في دلالته ودرجة تأثيره فهو في النظم الديمقراطية اليه للمفاضلة بين المرشحين واختيار شاغلي المناصب السياسية بدرجة كبيرة من الحرية، ولكنه ليس كذلك في الانظمة التسلطية اذ تعد الانتخابات هناك أداة لمن هم في مواقع السلطة يستخدمونها للدعاية وكسب التأييد والشرعية أكثر منها أداة للاختيار السياسي الواعي والتأثير في شؤون الحكم والسياسية من قبل الجماهير .
اما المجموعة الثانية من صور المشاركة السياسية فهي الأنشطة غير تقليدية بعضها قانوني مثل الشكوى وبعضها غير قانوني كالتظاهر ويلجأ المواطنون الى تلك الأعمال للتعبير عن مطالبهم أو الاحتجاجات على سياسية الحكومة حينما تنعدم المسالك الشرعية أو يبدو اللجوء اليها غير ذي جدوى .
الملاحظ ان سائر النظم السياسية تعرف صور المشاركة التي تم ذكرها سابقا مع خلاف في الدرجة غير أنها أكثر أهمية ودلالة في بلدان العالم الثالث لغياب أو ضعف قنوات التعبير الشرعي .