التاريخ فيه هوية الامة ومعنى المواطنة، وهو الذي يربط الانسان بالارض ويصقل شخصية الانتماء، وهذا الكلام هو نظري وتتشعب الافكار وتتعدد الدراسات في التعريف بقيمة التاريخ ووظيفته، ولكن لا توجد وسائل للتطبيق تكون في مستوى الهدف والمعنى من دراسة التاريخ وتوظيف الاحداث دائما لاستجلاء صور التضحيات ودور الرجال وقيمة الشهادة، ومن دروس النصر والهزيمة، ومعنى التهديدات التي كانت وكيف مررنا بها، وكيف أن التاريخ يحمل في طياته كل اسباب تكراره واعادة حوادثه من ابواب مختلفة وبأكثر من صورة، ولنتعلم من التاريخ ان من كان عدوا لك ووجه البندقية الى صدرك يوما ما فليس من المستبعد ان يوجهها من جديد حين تحين الفرصة له، وان عدوك مهما وصلت من حالة سلام معه، فان المصالح تتغلب في لحظة ويتم نسف كل ما هو على الورق.
هناك احداث تاريخية في السجل الاردني تمضي مناسباتها دون اعتبار، الا ما قد يكتبه اشخاص لهم علاقة بالحدث، ولكن على المستوى الرسمي فهناك بعد عن هذه الاحداث، ليس فقط من خلال استذكار دورنا في حرب تشرين 73 ولكن لاحداث عديدة مضت،
في حرب تشرين كان دورنا قومي عروبي، يعكس قيم الدولة الاردنية بالتسامي عن اية خلافات وتقديم مصلحة العروبة على اي اعتبار اخر، لم يكن ذلك الزمان بعيدا من خروجنا من احداث الامن الدخلي عامي 1970 و1971، ولا زالت صورة الدبابات الغازية لارضنا في الذهن، ولكن تجاوز الاردنيون المشهد الى مشهد العروبة الصادقة والعمل العربي المشترك، وهي ذات الصورة قبل حرب حزيران 67 حين كان العداء العربي ضد الاردن مريرا، ودم شهداء حدود الرمثا لم يجف بعد، فكانت انطلاقة المغفور له الحسين طيب الله ثراه الى القاهرة ليضع الاردن في طليعة النضال العربي.
وتشرين التي نستذكرها، ونقف عند ذكرى شهدائها الثلاثة والعشرين، نقرأ فيها تلك النخوة الاردنية وتلك العزيمة الباسلة لجيشنا، ونقف عند محطة تاريخية مفصلية هي في سجل جيشنا العربي الاردني درة ثمينة، وهي في ذاكرتنا اعتزاز وفخار، ولكن لا بد من الاعتراف بأن مستوى الاهتمام بالتاريخ وبمئوية الدولة تحكمه المزاجية والشخصنة والانتقائية، ولا بد من أن نتساءل هل سنشهد انطلاقة فعلية تفي تاريخنا حقه الوافي؟ وان نصل الى المؤسسية الفاعلة في استذكار التاريخ والبناء عليه؟؟؟