طريق غير مرصوف أمام حكومة الخصاونة
أ.د. محمد الفرجات
11-10-2020 04:26 PM
عالميا تغير مناخي يلقي بظلاله على الواقع الزراعي والمائي والنفسي، ووباء جلبه فيروس مستجد سريع الإنتشار وفتاك، كل المعلومات حوله اجتهادات لا ترتقي إلى دراسات معمقة لحداثة عمره، وحظر وركود اقتصادي وإنهيار قطاعات كالسياحة والأعمال والنقل الجوي وغيرها، ولا نخفيكم سرا بأن سكان الكوكب أمام مجاعة وشح غذائي، تلوح بوادرها بالأفق بارتفاع أسعار الغذاء عالميا حسبما صرحت منظمة الفاو.
المنطقة والإقليم يعيدان الترتيب جيوسياسيا، فإسرائيل تعتد بترامب الذي يساندها والذي يريد كسب مرحلة رئاسية جديدة لأربعة أعوام قادمة، وإيران تحاول بسط نفوذها السياسي في دول شرقنا وشمالنا وتحاول ذلك نحو الخليج، وتركيا تناور بكل الإتجاهات.
محليا، فيعلم الرئيس المكلف تداعيات التحديات السابقة تماما، وبذات الوقت يعلم تعقيدات الملف الإقتصادي، وإنعكاسه على النواحي الإجتماعية والخدمية وعلى البنى التحتية، كما ويعلم آثار الوضع الإقتصادي وتراكم المديونية وتجاوزها الناتج القومي السنوي، وإفرازاتها من فقر وبطالة وعنف ومخدرات وتأخر سن الزواج... إلخ، ولا يفوته إنعكاسات ذلك على الأمن الداخلي الوطني والقومي معا.
هنالك بالتزامن مع ذلك ملفات هامة وساخنة وإستحقاقات، كالتعايش مع الفيروس والوباء من ناحية، وصحة المواطنين من ناحية أخرى، دون إغفال قطاعات حيوية يجب أن تستمر للإبقاء على السيولة وعلى إيرادات الخزينة، إضافة للإنتخابات النيابية، ومجلس نيابي حديث قادم سيشغل الحكومة القادمة كثيرا عن عملها.
مقابل كل ذلك، فهنالك رؤى كثيرة ومنهجيات وطروحات وخطط ونماذج، كالتحول الإقتصادي والخصخصة واللامركزية والدولة المدنية وتنمية المحافظات وأوراق جلالة الملك النقاشية والمشروع النهضوي، ودولة الإنتاج، وكل حكومة سارت لنهاية مرحلة البداية، والحكومة التي تلتها بدأت بشيء آخر تماما، مما إستنفذ مالا ووقتا وجهدا وطنيا دون نتائج تذكر على كل مسار منها.
حكومة الخصاونة لا أعلم إن كانت ستحمل مشروعا كبيرا لتواجه كل هذه التحديات، أم أنها ستتعامل تقليديا مع الأزمات والملفات دون إستراتيجية شاملة ناتجة عن رؤية وطنية.
فكل دول العالم لديها مشروع وطني تسير على نهجه وتستمد منه طبيعة المراحل والأعوام القادمة وأولوياتها، فتقيم أين وصلت وماذا تريد وتخطط للقادم، فدبي مشروعها دخول الألفية بمشاريع المستقبل، والسعودية تنهج السعودة والتصنيع الوطني، وقطر مشروع نفوذ إعلامي، وإيران مشروع مد ونفوذ سياسي، وسوريا مشروع قومي وإعتماد على الذات، وأوروبا مشروع سوق وتكتل إقتصادي عالمي، واليابان مشروع تكنولوجيا وعصرية، وتركيا مشروع نفوذ سياسي... إلخ.
كل ما نستطيع تقديمه هو النصيحة لحكومة الخصاونة بإكمال المشروع النهضوي الملكي من حيث إنتهت حكومة الرزاز، كمشروع تحمله وتتبناه الدولة الأردنية لعقود قادمة، وعدم الإستماع لبعض النبض العاطفي الذي يعتقد بأن مشروع النهضة هو مشروع عامين أو ثلاثة، مع الرجوع لطروحات منتدى النهضة بآليات وخطط التنفيذ والتمويل سيرا للنجاح وتحقيق المراد.
الناس اليوم وتحت وقع الفقر والبطالة وشح السيولة وحالة الإحباط والتشاؤم يرون النور آخر النفق المظلم، ولا شك بأنهم يرفعون سقف التوقعات، والحكومة التي عليها كل الأعباء تواجه نفقات كثيرة مقابل إيرادات تشح يوما عن يوم، والقرار والخيار السياسي يسنده مؤشر الواقع الإقتصادي كثيرا، بيد أن هنالك غيابا كاملا لطرح شمولي يوحد مختلف الجهود ويعزز كل الإنجازات نحو هدف إستراتيجي واحد.
القادم ليس سهلا وصعب على الجميع، لكن الحلول موجودة وممكنة.