لا ندري ما إذا كان نائب رئيس الحكومة الدكتور رجائي المعشر قد فاجأ المؤتمر الاقتصادي لأحزاب المعارضة بحضور مؤتمرهم أم أنه لبـّى دعوتهم للحضور، لكي الشيء المؤكد أن اللقاء كان مفيداً ليس للجانبين فقط بل للمراقبين من أمثالنا.
عند مقارنة خطاب المعارضة بخطاب الحكومة نجد الفرق واضحاً، فالمعشر يتحدث في قضايا محددة ويفرق بين الأزمة الاقتصادية والأزمة المالية ويعلن انفتاحه على المقترحات والحلول التي يمكن أن يتقدم بها المعارضون، في حين أن أحزاب المعارضة تفضل الحديث في العموميات.
يقـرر رئيس الحزب الشيوعي مثلاً أن البلاد تمر بأزمة اقتصادية حادة، وتعاني من اختلالات في العديد من نواحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية بشكل يترافق مع قلق سياسي واجتماعي يهدد أمن الوطن واستقراره ، وأن أحزاب المعارضة نبهت على امتداد عدة سنوات إلى مخاطر السياسات الاقتصادية المطبقة وطالبت بالعودة عنها، ولكن الحكومات المتعاقبة لم تستمتع إلى النصيحة.
هذا كلام جيد ولكن كان من الأنسب لو أن المتحدث حدد أبعاد الأزمة الاقتصادية (الحادة) التي ذكرها، وبين بالاسم بعض الاختلالات في نواحي الحياة العامة، وذكر شيئاً عن مظاهر القلق السياسي، وكيف يمكن أن يتحول إلى طمأنينة.
جميل أن نرفض السياسات الاقتصادية المطبقة، ولكن الأجمل أن نقدم تشخيصاً محدداً للواقع وأن نطرح السياسات البديلة التي يجب تطبيقها. الناطق الرسمي باسم أحزاب المعارضة أكد حقيقة بديهية وهي أن عجز الموازنة يعود للسياسات الاقتصادية، وعندما طالب بتعديل هذه السياسات لم يذكر سوى ما يكرره المسؤولون دائماً من إيجاد بيئة استثمارية جاذبة، وتبني استراتيجيات اقتصادية تعتمد على الزراعة والصناعة والتعدين، ومحاربة الفساد، واعتماد الشفافية، والحفاظ على المال العام وتيسير الاقتراض لتمويل المشروعات، وهو ما يردده المسؤولون، ويبقى صياغة الاستراتيجيات المطلوبة وهذا هو التحدي الحقيقي.
إنصافاً للمعارضة نذكر أن لديها برنامجاً للإصلاح يقع في سبعة محاور تتناول التنمية الاقتصادية، والسياسات النقديـة والمالية، وقضايا الفقر والبطالة، والبحث العلمي والتعليم، والتجارة والصحة إلى آخره، ونتمنى أن يكون البرنامج خطة عمل وليس مجموعة من الشعارات والتمنيات، ولكنا لا نتوقع الكثير لأن ما يمكن أن يتوافق عليه قادة الحزب الشيوعي وقادة حزب جبهة العمل الإسلامي لن يكون سوى عموميات.
الراي.