جال بنظره في أرجاء العيادة..مبددّا وقت الانتظار الذي يمر على صدره بطيئاً وصامتاً مثل مراسيم الجنائز، قرأ بعض النصائح الطبية والنفسية المكتوبة على الباب والجدران، اقترب من (بوسترات) تحث على الرضاعة الطبيعية، وتحديد النسل، والرياضة لمرضى السكري، وفطريات القدمين، وعن ضرورة الفحص الدوري لسرطان الثدي..ثم عاد وجلس في مكانه يراقب الساعة المتوقفة في غرفة الانتظار.
فُتح باب غرفة الطبيب فخرجت سيدة تحمل طفلا رضيعا، وبيدها الأخرى نموذجا طبيا مرصع بعدة أختام ..أماءت السكرتيرة اليه بالدخول ..طرق الباب طرقاً خفيفاً ودخل.
أبو يحيى:- سيدي ..مشكلتي أني رجل حساس، أقرأ وأتأثر، اسمع واتأثر، أشاهد وأتأثر..
الطبيب: طيب؟!
أبو يحيى :..أخبار،مقالات، تحليلات،مقابلات، قرارات، لقاءات، مؤتمرات، تعيينات، اقالات، تصريحات، توضيحات، تلميحات، زيارات، جولات، افتتاحات..
قاطعه الطبيب: طيب؟!
أبو يحيى : كلها تتحدث عن (المرحلة الدقيقة)!!...
الطبيب: نعم؟!
أبو يحيى: من كثرة التفكير ظهر لي "ثعلبة" في ذقني..وأخرى في أعلى رأسي..وأخرى...
الطبيب: مفهوم!!
أبو يحيى: كيف لي ان أساهم أنا المواطن البسيط ، في الخروج من هذه المرحلة "الدقيقة) ....
الطبيب: سأكتب لك على مرهم (طنّش)..لتغليظ المخّ وإغلاق مسامات التفكير...
أبو يحيى: وهل ستختفي الثعلبة!!
الطبيب: سيختفي كل شيء!!
ابو يحيى: كل شيء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الطبيب: طبعا، باستثناء المرحلة الدقيقة...
ahmedalzoubi@hotmail.com
الراي.