كيف تكتشفين موهبة طفلك المتأخر دراسيا؟
10-10-2020 10:06 PM
عمون - هل يمكن أن يجتمع الذكاء والإبداع، مع تدني مستوى التحصيل الدراسي؟ هل يمكن أن يكون طفلك موهوبا ويعاني في الوقت نفسه من صعوبة في التعلم؟ كيف يمكن أن يجتمعا سويا؟ وكيف نتعامل مع الأمر؟
هناك فهم مختلف ومعاكس لمفهوم مصطلحين شهيرين هما "الموهبة الفكرية" و"صعوبات التعلم"، ومعظم الناس لا يدركون أنه في كثير من الظروف يمكن أن يسير الاثنان جنبا إلى جنب، وأن يجتمعا سويا في طفل واحد يشار إليه بـ"Twice Exceptional" أي "الاستثنائي مرتين".
المعادلة المغلوطة
تعني "الموهبة" القدرة على الأداء بمستويات أعلى مقارنة بالآخرين من نفس العمر والخبرة والبيئة في مجال واحد أو أكثر.
وبحسب "ساينس ديلي" (Science daily) يتطور الأطفال الموهوبون بشكل غير متزامن، إذ غالبا ما تكون عقولهم متقدمة على نموهم البدني، وغالبا ما تكون الوظائف المعرفية والعاطفية في مراحل مختلفة من التطور.
في حين تعد "صعوبة التعلم" مشكلة تؤثر على كيفية تلقي الشخص للمعلومات ومعالجتها واستخدامها بفاعلية، ولا علاقة أبدا بين صعوبات التعلم ومدى ذكاء الشخص.
ووفقا لـ"ويب إم دي" (WebMD) هناك أنواع مختلفة من صعوبات التعلم منها عسر القراءة، وعسر الكتابة، وصعوبات الكلام، ومشكلات التهجئة، وعسر الحساب، واضطراب الرياضيات، والاضطرابات السمعية.
هل طفلك "أينشتاين" جديد؟
هناك الكثير من الأشخاص الذين لديهم قدرة استثنائية في بعض المجالات الأكاديمية أو الفكرية، ويواجهون صعوبات تعلم كبيرة في مجالات أخرى.
بمعنى آخر قد يكون طفلك في الصف الرابع الابتدائي، ولديه قدرة على القراءة في كتب مخصصة لطلاب الثانوية العامة، وفي الوقت نفسه لا يمكنه اجتياز اختبارات الإملاء، وتمثل الكتابة له تحديا كبيرا لا يستطيع اجتيازه.
أو أن طفلك المراهق لديه معرفة واسعة بالتاريخ ولديه أسلوب رائع في الكتابة والتعبير، وفي الوقت ذاته لا يستطيع أن يجري أبسط المسائل الحسابية.
يبدو الأمر معقدا، فالملكة التي يحظى بها هؤلاء الأطفال تميزهم عن غيرهم بشكل إيجابي، وفي الوقت نفسه تضعهم في صفوف المتأخرين تعليميا.
الأمر ليس جديدا، فهناك عدد من الأسماء العظيمة التي تركت بصمتها المميزة في عدة مجالات على الرغم من معاناتهم من أشكال متعددة من صعوبات التعلم أمثال تشارلز داروين، وأجاثا كريستي، وجورج واشنطن، وألبرت أينشتاين وليوناردو دافنشي، وفقا لـ"ماسترز إن سبيشيال إديوكيشن" (Masters in Special Education).
اكتشاف موهبة الطفل المتعثر دراسيا
من الصعب سرد خصائص نموذجية للأشخاص الموهوبين ذوي الإعاقة التعليمية نظرا لوجود العديد من أنواع الموهبة، والعديد من إعاقات التعلم المحتملة.
أكبر مشكلة في تحديد الهوية هي أن "صعوبة التعلم" غالبا ما تخفي أو تمنع التعبير عن "الموهبة"، أي إن قدرات الشخص الإبداعية لا تكون بارزة بما يكفي للإشارة إلى الموهبة.
من ناحية أخرى، يمكن للموهبة في كثير من الأحيان إخفاء إعاقة التعلم، لأن قدرات الشخص يمكن أن تساعده في التغلب على الإعاقة أو التعويض عنها.
تشير منظمة "إل دي أونلاين" (LD online)، إلى أن هناك بعض نقاط الضعف التي تتم ملاحظتها بشكل متكرر لدى هؤلاء الأطفال وهي ضعف الكتابة، وسوء التهجئة، ونقص القدرة التنظيمية، وصعوبة استخدام إستراتيجيات منهجية لحل المشكلات.
في حين تكمن نقاط القوة التي تتم ملاحظتها بشكل متكرر في التحدث، وفهم العلاقات وتحديدها، ومعرفة المعلومات المتعلقة بمجموعة واسعة من الموضوعات، ومهارات الملاحظة.
وبشكل عام، غالبا ما لا تتأثر عمليات التفكير والاستدلال، لكن آليات الكتابة والقراءة وحساب الرياضيات، وإكمال المهام الأكاديمية غالبا ما تواجه صعوبات كبيرة.
الأزمة في النظام
يعاني هؤلاء الأطفال من عدم اكتشافهم وتدريبهم وإعطائهم حقهم في التميز، حتى في الدول المتقدمة.
في الولايات المتحدة الأمريكية، 14٪ من الأطفال الذين تم تحديدهم على أنهم موهوبون فكريا قد يعانون أيضا من إعاقة في التعلم، ومع ذلك لم يتم تدريب المعلمين على تحديد هؤلاء الأطفال، أو كيفية تعليمهم حتى يتمكنوا من تحقيق إمكاناتهم الكاملة، بحسب "كاثرينا وورمالد" الأستاذ المتخصص في تعليم الموهوبين والتعليم الخاص لطلاب البكالوريوس والدراسات العليا في "جامعة ولونغونغ" في أستراليا (University of Wollongong).
يشار إلى هؤلاء الأطفال بـ"الموهوبين الذين يعانون من إعاقة في التعلم" كما تطلق عليهم أيضا تسمية "الاستثنائيين مرتين".
وتننشأ الصعوبات في تحديد هؤلاء الأطفال، وفقا لـ "كاثرينا" في مقال منشور على موقع "ذا كونفرساشين" (The Conversation) لأنهم يقعون عموما في 3 فئات:
1- أطفال يتم التعرف على مواهبهم الفكرية، لأن إعاقتهم لا تظهر إلا مع زيادة الصعوبة في واجباتهم المدرسية.
2- أطفال لم يتم تحديدهم على أنهم موهوبون أو يعانون من صعوبات التعلم، لأنهم يظهرون إنجازا متوسطا.
3- أطفال تم تحديدهم على أنهم يعانون من صعوبات التعلم، وقد يكونون في برنامج دعم التعلم ولكن مواهبهم الفكرية غير معترف بها.
وتوضح كاثرينا، أن ما يجعل الأمور تزداد تعقيدا كون برامج تشجيع الموهوبين في المدارس وخدمات صعوبات التعلم يستبعد كل منها الآخر، حيث يوجد في المدارس عادة منسق لإرشاد الموهوبين يلبي احتياجات تلك الفئة من الطلاب، وفريق آخر لتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة يتمثل دوره في تقديم خدمات الدعم للطلاب ذوي صعوبات التعلم، ونادرا ما يكون هناك أي تداخل أو تشاور بين المجموعتين.
البيت والمدرسة.. تعاون لابد منه
يميل هؤلاء الأطفال إلى تعليم أنفسهم مهارات جديدة، ولديهم فضول دائما لمعرفة المزيد عن العالم من حولهم، وقد يكون لديهم ذاكرة جيدة جدا للحقائق ومهارات التفكير عالية التطور التي غالبا ما تقودهم إلى أن يكونوا مفكرين نقديين.
وبحسب "ريد آند سبيل" (Read and spell) يركز الطفل الموهوب على التعلم نفسه، وليس إنهاء المشروع المدرسي أو المهمة المطلوبة منه، بل إنه قد ينتقد متطلبات المهمة ويختار تجاهل ما يعتبره غير ضروري.
ويحتاج هؤلاء الأطفال إلى فهم حالتهم الخاصة ومواهبهم النادرة، ومساعدتهم في المجالات التي يكون فيها أداؤهم ضعيفا، كما يحتاجون إلى التحفيز والتشجيع.
وحين تتم رعايتهم بالتوازي في المنزل وكذلك في المدرسة، يمكن للطلاب الموهوبين تحقيق تقدم سريع ومميز مقارنة بأقرانهم من العمر نفسه، ويمكن أن يصبحوا شخصيات استثنائية مؤثرة في العالم.