تكليف نوعي ومرحلة استثنائية
المحامي بشير المومني
08-10-2020 08:16 PM
حمل ثقيل على عاتق دولة الرئيس المكلف الخصاونة الآن بمواجهة إرث المرحلة واستحقاقات المشهد الاقليمي والمحلي بكل ما يشتمل عليه من تحديات نوعية ومشهد في غاية التعقيد يحتاج الى فريق استثنائي بكل معنى الكلمة قادر على التنظير الفلسفي وبناء التصورات العلمية والخطط المدروسة المبنية على مقدمات صحيحة وتشخيص دقيق للواقع وبما يفضي لاجتراح حلول لازمات حالة او تلوح بالافق والتحوط لأي متغيرات ميدانية وبهذا المعنى فلا يرد القول باختيار فريق وزاري كلاسيكي بل لابد أيضا من دمج منظومة الخبرة والبيروقراط بانماط جديدة وعناصر يفضل أن تجمع بين العنصر الشاب والخبرات الميدانية والقدرة على ( الاشتباك الشعبي ) والانخراط في العمل بمفهوم تكتيكي مختلف تماما يبدأ من القاعدة نحو الهرم وليس العكس ..
الخصاونة من أسرة عريقة في العمل العام والعمل السياسي وقد خبر بيروقراط الدولة وخيارات الدولة ومصالحها العليا الاستراتيجية ولعل الدافع الاساسي لتكليف الرجل لا يتوقف عند سيرة ذاتية تثير الاعجاب بل القدرة على التواصل الميداني والتشبيك الشعبي والاجتماعي فنحن نتحدث عن شخصية لها امتداداتها الافقية وتبتعد عن الطبقات الارستقراطية في اصدار القرارات بمعنى أن طبيعة الحكومة واتجاهاتها وقراراتها ومحتوى برنامجها بالاساس سيسعى الى تحقيق وخلق نموذج فريد قادر على تجسير الهوة ما بين انماط الحكم الكلاسيكية وتلبية الطموح الشعبي ولقد كان ذلك واضحا تماما من كتاب التكليف السامي لدولة الرئيس من حيث ضرورة احداث تغيير بنيوي في منظومة القرار وغاياته وهذا بالضرورة يستدعي ايضا اعادة التفكير في ماهية البيروقراط المساند للحكومة في المراحل القادمة ..
كتاب التكليف الملكي يشي بالكثير فبعد قيام جلالة الملك بإعادة تصويب المشهد الدستوري بلغة دستورية تكتيكية رفيعة تجاوزت الثغرات التطبيقية للمادة 74 والخلل في حكومة الفترة ليكشف جلالته عن اعراف دستورية ومرونة النص التي يشتملها الدستور مع مراعاة دقيقة للمواعيد والتراتبية الدستورية والامر الذي يحتاج الى مقال متخصص لتوضيحه والحديث عن مدى اهمية ذلك جاء التكليف الملكي لحكومة الدكتور الخصاونة التي لم تعد تحتاج الى اقالة كسابقاتها عندما تتحقق الولادة الدستورية لمجلس النواب القادم وبحيث نكون امام حكومة تولد فعليا بولادة مجلس نواب وتنتهي بنهاية عمره الدستوري مما يخلق عرفا ديمقراطيا جديدا واستقرارا سياسا نحن في امس الحاجة اليه وهذا بالتأكيد مؤشر قوي ومقدمات توكيدية للحكومات البرلمانية ..
كتاب التكليف الملكي اليوم ليس كما بالأمس وهو يجنح بقوة نحو فلسفة الملكية الشعبية التي تعيد الدولة فيها ولايتها على ملفات الصحة والتعليم والنقل والطاقة والزراعة وإعادة بناء بيروقراط الدولة الذي تعرض لهزة عنيفة لاسباب واخطاء لم تعد محلا للبحث ومن هنا جاء الحديث عن وضع الخطط التنفيذية للهيئات المستقلة وعمليات الدمج وكذلك توسيع نطاق التأمين الصحي والضمان الاجتماعي والنقل .. الخ واجراء التحضيرات اللازمة لمواجهة التحديات الاقليمية ومنها ازمة الغذاء المرتقبة خصوصا في ظل جائحة كورونا وهذا يحتاج بالطبع الى تغييرات تشريعية جوهرية ورئيس وزراء قادر على فهم ماهية التشريع نفسه ومواءمته للاتصال الفعلي بأرض الواقع وبالطبع فإن السيرة الذاتية لدولة الرئيس تتحدث عن نفسها في هذا المجال أما ما نشأ من مستجدات ومستحدثات حالة في ملفات الأمن والسلام فقد تحتاج في الفترة القادمة الى ما هو ابعد من عملية تشريع لكن بجميع الاحوال يبقى الملف الاقتصادي يتصدر المشهد ولابد من اختراق خارج الصندوق وتوفير كل سبل الدعم للرئيس الجديد ولكل انسان من اسمه نصيب .. لنتفاءل ببشر