أما وقد ولجأنا غير مخيرين إلى سياسة العزل المنزلي لحالات مرضى الكورونا التي لا يظهر عليها أعراض أو التي تعاني من أعراض خفيفة منذ حوالي اسبوعين نظرا لعدم قدرة المستشفيات على استيعاب هذه الأعداد الكبيرة والتي تقدر بالآلاف نتيجة التفشي المجتمعي الواسع للوباء وكنا لا نتأمل أن نصل إلى هذه الحالة، حيث كنا سابقا وقبل استفحال الحالة الوبائية نعزل جميع الحالات المثبتة مخبريا في المستشفيات بغض النظر عن شدة الإصابة لتحقيق هدفين؛ أولهما حماية المجتمع وثانيهما مراقبة تطور حالة المريض وتقديم الإسناد الطبي الممكن له عند تفاقم حالته الصحية.
وبعد أن أصبحنا نسجل حالات يومية بما يفوق الألف حالة أصبحت قدرة المستشفيات مقتصرة على إدخال ما نسبته ١٠٪ من مجموع الحالات المكتشفة بأحسن الأحوال وهي ما يمثل الحالات المتوسطة والشديدة والحرجة. أما الكم الأكبر من الحالات والذي يشكل ٩٠٪ فيتم عزله في المنازل.
في الوقت الذي أتفهم فيه الإضطرار لانتهاج هذه السياسة لأسباب موضوعية فإنني أشعر بقلق بالغ من أن تشكل آلاف الحالات المرضية المعزولة منزليا بؤرا ساخنة جدا لتسريع نقل العدوى لأفراد الأسر ولمحيط هذه الأسر ما لم يرافق هذه السياسة آلية كفؤة وفعالة من قبل الأجهزة الصحية والأجهزة الحكومية الأخرى المساندة بحيث يتم إشراف ومتابعة حثيثة ومستمرة لتلك الحالات والتأكد من أمرين أولهما إلتزام الشخص المعزول وأسرته بشروط وضوابط العزل لحين انتهاء المدة المقررة وثانيهما مراقبة تطور الحالة الصحية للمعزول ونقله للمستشفى عند بداية تفاقم حالته الصحية مع تقديم الدعم والمشورة والمساندة المستمرة لأسرة الشخص المعزول وأن لا نعول كثيرا على التزام ووعي المواطن فقط.
كما ويتطلب الأمر أن تقوم الوزارة بتركيز جمع العينات المخبرية الدورية على مخالطي هذه الحالات من أفراد الأسرة ومحيطها اللصيق لكي نضمن عدم إتساع رقعة العدوى في المجتمع أكثر مما هي عليه الآن.
أرى أنه في حال تم تفعيل ما ذكرت يمكن أن يغنينا عن إغلاقات وحظر زماني ومكاني جزئي ليس له مردود مهم.