اليوم العالمي لمناهضة تعسف الشرطة
عدنان حميدان
22-03-2010 12:31 PM
تشير مواثيق الأمم المتحدة إلى اعتماد يوم 15 آذار ( مارس ) من كل عام يوما عالميا لمناهضة ما يعرف بتعسف الشرطة ، هذا اليوم بطبيعة الحال لم تحتفل به مؤسساتنا المحلية ولا منظمات المجتمع المدني ( ما غيرها ) لأنه ببساطة لا يعنيها و لا يصب في مصالحها المباشرة .
بين يدي هذا الحديث أود ان اؤكد الاحترام الكبير الذي احمله لكل رجل أمن وشرطي مخلص يحرص على امن الوطن وحمايته و يسهر على طمأنينة المواطن وراحته ، ولكن مهنة الشرطة كسائر المهن فيها من السلبيات ما يؤثر على صاحبها ويجعله لا إراديا مجبولا بصفات معينة تؤثر على شخصيته وحياته ، من كثرة ما يرى و يشاهد من جرائم .
أذكر مرة أن التقيت أحد كبار ضباط الأمن المعنيين بمكافحة الجريمة و تجولت معه في أحد المشاريع الخيرية و إذا بالرجل يقاوم الدمعة التي تصر على النزول وهو يقول : كدت أصل إلى مرحلة أقول فيها أن الخير انعدم و الشر ساد عموم الناس حتى رأيت ما رأيت من وجوه الخير .
صح عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم أنه قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما ...ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها وجوه الناس) وهذه إشارة نبوية إلى أناس من أهل السلطة يصحبون معهم سياطا كأذناب البقر..المجففة..وهي أكثر إيلاما .. قد يصدر منهم ظلم بالضرب والإهانة...! و كما كتب طارق حمودي : جل أهل العلم متفقون على أن المقصود بهؤلاء الشرطة... نخبة أصحاب ذلك المسؤول الذين يقدمهم على سائر الجند سموا بذلك لأن لهم علامة يعرفون بها كما في كتب اللغة وشروح الحديث.ولا يفهم من الحديث أن صفة الظلم صفة لازمة لهم بل هذا بيان لحال الناس عند قرب الساعة، وتنبيه على انتشار الظلم على يد من يظن بهم محاربته، وعليه فإشارات القرأن والسنة في محاربة تعسف بعض أصحاب السلطة ومنهم الشرطة سابق لمواثيق الأمم المتحدة.
ذكر د. علي الصلابي أن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان عنده شرطة العُسُس ,وهم مشهورون بهذا الاسم في كتب التاريخ والأدب العربي, وكانوا مكلفين بحراسة الأزقة في المدينة وغيرها، وعرف لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه زمرة من أصحاب الشرطة, وهم القادة على هذه المجموعة , ومن أولئك حصين وعبد خير الهمداني ويزيد عن أبي الوضيء وكان على شرطة الخمس,ووهب الخير وكذلك استمر الأمر في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ومن بعده من بني أمية, فكان من أصحاب الشرطة في زمن عمر بن عبد العزيز عمرو بن مهاجر أخو محمد بن مهاجر مولى أسماء بنت يزيد الأنصاري الدمشقي, وتطورت الشرطة عبر الزمن إلى إن صارت على ما هي عليه الآن ولم يرتفع عن هؤلاء شيء واحد وهو أنهم دائما منقسمون إلى فئتين:... فئة صالحة......وفئة طالحة......كباقي الناس...فأما الفئة الصالحة والتي كانت تحت أيدي الصالحين من الأمراء والسلاطين والملوك فكانت مكلفة بالحفاظ على أمن الناس وسلامة أموالهم ودمائهم وأعراضهم .
حتى قيل أن ابن تيمية في حربه لتلك الفئة الطالحة من رجال الشرطة نصح مرة إن إذا رأيتم شرطيا نائما فلا توقظوه ! واما خامس الخلفاء الراشدين فقد عانى كثيرا في تعديل سلوك رجال الشرطة و ما تم برمجتهم عليه في عهود سابقيه ، والقصة المشهورة حين خرج عمر بن عبدالعزيز ذات ليلة ومعه شرطي، فدخل المسجد فمر في الظلمة برجل نائم فتعثر به، فرفع الرجل رأسه وقال: أمجنون أنت؟ فقال عمر: لا، وهمّ الشرطي أن يضرب الرجل. فقال عمر: مهلاً إنما سألني: أمجنون أنت؟ فقلت: لا.
لاحظ هنا معي أن الشرطي هم وعلى الفور بضرب الرجل !! لولا أن عمر أوقفه ، ليس هذا فحسب بل شرح له الموقف محاولا التأثير على نمط تفكير ذلك الشرطي ، أقول هذا و بعض المسؤولين عن الأمن يعانون قبل غيرهم من أخطاء يقع بها بعض رجالات الشرطة بين حين و آخر ، منها ما هو اجتهاد شخصي منهم و كثير منها بتحريض بعض المسؤولين عنهم و نحن ندفع الثمن غاليا على حساب كرامة واحترام الانسان الذي كرمه ربنا سبحانه وتعالى : { و لقد كرمنا بني آدم }
مثل هذا اليوم ينبغي أن لا يمر بشكل عادي و علينا من خلاله أن نراجع مسلكيات رجال الشرطة و نتحدث عنها بشفافية خصوصا ما يرتبط بالعمالة الوافدة و أصحاب القضايا السياسية و ما يصدر من ألسنة و عن أيدي بعضهم تجاه أولئك الناس قبل أن تتحدث عنا المنظمات الدولية المختلفة .
Adnanhmidan@yahoo.com