الكرامة أكليل عزٍ هاشمي وملحمةُ فخار أردنية
طلال الخطاطبة
22-03-2010 04:47 AM
لشهر آذار عند الأردنيين شأن خاص ومعان وطنية كبيرة, فشهر آذار هو شهر البطولات الأردنية بلا منازع.ففي الأول من آذار عام الف وتسعماية وستة وخمسين تم تعريب الجيش الأردني من قيادته الأجنبية,فأصبح الجيش عربيا اسما ومسمى.
ويصادف الثاني عشر من نفس الشهر عام الف وتسعماية وسبعة وخمسين ذكرى الغاء المعاهدة الأردنية البريطانية, لينال الأردن استقلاله كاملا.
اذن ليس بمستغرب أن تطل علينا ذكرى معركة الكرامة في آذار أيضاً, المعركة التي هزت كيان العدو الصهيوني وقهرت جيشه الذي كان قبل هذا التاريخ الجيش الذي لا يُقهر, فحوّلته الى جيش مهزوم ,يطلب قادته ولأول مرة بتاريخهم العدواني وقف اطلاق النار لإخلاء خسائرهم الفادحة من أرض المعركة.
نعم كان يوم الكرامة يوما اغرّاً في تاريخ العسكرية العربية بعامة والأردنية بخاصة، فعربيا: شكلت معركة الكرامة القاعدة التي انطلق منها العرب وخاصة على الجبهتين المصرية والسورية في مقاومتهم للإسرائيلين وشحذ من همهم وطور عندم ما كان يُعرف بحرب الأستنزاف. ولا ابالغ اذا قلت أن هذا النصر بالكرامة شكل عندهم القاعدة التي بنى عليها الإخوة المصريون والسوروين خططهم لحرب أكتوبر المجيدة. فكانت الكرامة الإرهاص الرئيس لهذه الحرب, حيث أظهرت للعرب أن هذا الجيش (الأسطورة الذي الذي هزم العرب مجتمعة بحرب حزيران) يمكن ان يُهزم.
أردنيا : أثبت الجندي الأردني بسلاحه المحدود بأنه قادر على انتزاع النصر بقوة، وأثبت كفاءته وقدرته على تحمل الصعاب والمشاق من أجل وطنه ، لقد كان يوم الكرامة يوم الجندي الأردني الذي جسد خلاله قوة بأس وصلابة الجيش العربي الأردني، وأبرزت معركة الكرامة دروساً في التلاحم الوطني وقيادة أردنية هاشمية من طراز فريد، مثلما أبرزت تعاوناً بين صنوف الأسلحة المختلفة ,وسطر شهداء الجيش العربي الأردني بدمائهم الزكية صفحة مشرقة في تاريخ وطنهم وأمتهم يخلدها لهم التاريخ على مدى الزمن السرمدي.
كما كان للمعلومات الإستخبارية دورها الكبير كما أشار بذلك الفريق نذير رشيد فقال أنه وتحسبا لأي طارئ وحتى لا يفلت الزمام فقد مررت الأستخبارات الأردنية لقيادات الحركة الفدائية وطلبت منهم الإنسحاب من الكرامة حفاظا على سلامتهم وحفظا للنهج الفدائي وفعلا انسحب معظمهم ولم يبق بالكرامة الا الفدائيون من أبناء الغور نفسه وقد قاتلوا قتالا مريرا بطولياودفعوا ما يزيد على ال 100 شهيد حيث قتلهم الغُزاة بالمسجد الذي دمره الأسرائيليون تدميرا كاملا ومن يذكر صور الكرامة يستطيع ان يتذكر هذا المسجد. كذلك تم أسر ما يزيد على ال 120 من الفدائيين. ولولا المعلومات الأستخباراتية الأردنية لكانت خسائرهم أكبر من ذلك بكثير.
كذلك ونتيجة لهذا العمل الأستخباراتي المنظم كان الأستعداد على أشده فكانت المدفعية الأردنية لهم بالمرصاد من اللحظة الأولى لدخولهم أرض الأردن كما اشار المرحوم الفريق مشهور حديثة, فدكت دباباتهم وحرقت ناقلاتهم وحولتهم الى اشلاء متفرقة شاهدناه بالصور في عمان. لقد روى بعض ضباط المدفعية ان احدى بطارية المدفعية السابعة فقط رمت ما يزيد عن 1100 قذيفة في ذلك اليوم, وقيل عن السادسة معلومة مماثلا. وهذا رقم قياسي, ولو انتظرت المدفعية الى الساعة الحادية عشر صباحا كما يروج بعضهم على الفضائيات لتم احتلال الغور بالكامل.
ولا ننسى البعد الديني . فقد طُلب من الشيوخ بأن يحملوا المكبرات ويكبروا بألله أكبر ويحرضوا على القتال. وجاء النصر من عنده سبحانه وتعالى.
لوحظ كذلك وفي جانب آخر من جوانب معركة الكرامة ان عدداً لابأس به من الشهداء كان من الضباط وهذا يدل على ان الضابط قاتل جنبا لى جنب مع الجندي ولم يجلس بمكتبٍ آمن يعطي الأوامر فقط.
ان هزيمة اسرائيل بالمعركة لم تكن هزيمة للجيش فقط ولكنها كانت ايضا هزيمة لقادتهم. فقد شارك بها موشيه دايان وبارك ونتنياهو نفسه كان قائدا للمظليين الذين نزلوا على الكرامة.
وهكذا كانت معركة الكرامة معركة حمي وطيسها لمدة أثنتي عشر ساعة انجلى غبارها عن نصر أردني مؤزر, خاضها الأبطال وهم يتنادون" المنية ولا الدنية"ورجعوا وهم يمتطون الدبابات وألاليات العسكريه الأسرائيلية التي دكوها وهم يهزجون " يا بنت ياللي بالبيت شوفيني كني ذليت".
لقد كانت معركة خلّدها الأبطال بدمائهم الزكية, ولكن كلنا ننتظر اليوم الذي نرى فيه فلما تسحيليا أو عملا فينا يؤرخ لهذه المناشبة الغالية. لقد خلّد المصريون معركة أكتوبر بفلم " الرصاصة لا تزال في جيبي" , فمتى يخلد فنانوا الأردن هذه المعركة ويعطوها ما تستحق. . متى سنرى فلما تسجيليا أردنيا عن هذه المعركة حتى يشاهده ابناؤنا ولا تبقي الكرامة مجرد لقاء فخطبة فأغنية وطنية فسلام؟ ان من حق من صنع النصر من جيش ومواطنين وشهداء علينا ان نخلدهم بالدنيا بعد ان خلدهم الله جل وعلا بالآخرة بقوله " ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا , بل أحياء عند ربهم يرزقون" صدق الله العظيم
رحم الله قائد معركة الكرامة وصقرها الهاشمي الحر جلالة الملك الحسين بن طلال, ورحم شهدائنا وجعل مثواهم الجنة وسلاما على كل جندي وضابط شارك بالمعركة أو حدثته نفسه بالمشاركة.
وكل عام وجيشنا الباسل وقائده المفدى جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين بألف خير.
alkhatatbeh@hotmail.com