مثقال الفايز «آخر الشيوخ الكبار»
22-03-2010 03:34 AM
مثقال الفايز «آخر الشيوخ الكبار»:
لم اخف مشاعري وأنا أتابع باهتمام موضوع رسالة الماجستير:
"THE LAST GRAND SHAYKH MITHQAL PASHA AL FAYIZ AND THE STATE OF TRANS JORDAN"
ويمكن ان أترجمها:
«آخر الشيوخ الكبار
مثقال الفايز
ودولة شرق الاردن».
قُدّر لي ان اكون في اكسفورد إثناء إعداد هذه الدراسة من قبل باحث شاب يهودي اسمه (يواف آلون)...
يومها اخبرني احد المسؤولين في مركز الشرق الأوسط عن هذه الرسالة وذكر لي يومها (يوجين روجن) الكثير عن هذه الرسالة ولفت انتباهي ان الباحث صرف كثيراً من الوقت على الاطلاع على الوثائق البريطانية. ولاحظت عندما وصلت الى قسم الشرق الاوسط في سانت انتوني في اكسفورد في سجل الباحثين انه (اي الباحث) صرف ما يقارب الشهرين في الاطلاع على الوثائق الخاصة بكلوب وقبل ان اصل ظلت هذه المدة اطول مدة يقضيها باحث في الاطلاع على وثائق.. وبالنسبة لي قضيت فترة أطول.
وعودة للموضوع فان (يواف) ناقش رسالته واحضر نسخة منها لابنه عاكف الفايز يوم 29/3/1998م. حضرت ذلك اللقاء، وفيه سلمني المرحوم عاكف نفس النسخة للاطلاع عليها وبعدها بأسبوع وقبل ان أتمكن من اطلاع المرحوم عاكف على مضمونها فان يد المنون اختطفت (عاكف) في يوم 8/4/1998م وكنت خارج الأردن في تلك الأيام.
في مضمون الرسالة:
ركز الباحث في رسالته على شخصية مثقال، وكيف احتفظ بمكانته بعد قيام الدولة الجديدة في الاردن.. أشار الباحث إلى شبكة المصاهرات القوية عند (سطام) وشملت هذه الشبكة:
1) مصاهرة الزبن وأنجب فواز وفايز، تقلد فواز الشيخة من عمه طلال بن فندي عام 1909م وظل حتى عام 1917م وحل محله ابنه مشهور وظل فيها حتى قتل في عام 1921م.
2) مصاهرة العدوان وأنجب نواف.
3) مصاهرة الرولة وأنجب مثقال.
4) مصاهرة السردية وأنجب جريد وشبلي وعارف.
5) مصاهرة الخرشان وأنجب عواد الذي ولد في عام (1890) السنة التي توفي فيها والده سطام.
(عاش عواد حتى عام 1994).
أخطاء في الرسالة:
لاحظت في الرسالة أخطاء يقع فيها الكتّاب الغربيون والوقوع في أخطاء لا يقع فيها الباحث الذي عاش ويعيش في ثقافة البلد نفسها.
هناك بعض الملاحظات على حديث الكاتب ان أهمية مثقال لم تأت من مركزه البارز وثانيها ان نفوذ بني صخر لم يصل للكرك، والسلط لسبب واحد ان نفوذ العشائر له حدود والكرك في تحالف مع بني عطية والسلط محاطة بالعدوان ولهم مركزهم عند الدولة العثمانية وهو يعترف بذلك ويذكر ان نجم فندي ا لفايز سطع عام 1872م في فترة تقهقرت مكانة العدوان على حد قوله.
هناك اخطاء اخرى للباحث ان مثقال الغى غداء ذات مرة لانه مشغول في التحكيم في قضية في ناعور والصحيح انه جاء متأخرا وكتب برنتون ذلك في رسالة له وذكر انه عامل مثقال ببرود ردا على تأخره عن الحضور للغداء في موعده.
ولم يكتب لنا الباحث عن تأثير علاقة سعيد خير مع مثقال وكان الاثنان يزعجان برنتون كثيرا ولقد ربطت سعيد مع مثقال علاقة مصاهرة أيضا اذ تزوج مثقال عدول ابنة سعيد.
ويستعرض الباحث دراستين لسليمان بشير وماري ولسون مطوعا المعلومات التي فيهما لصالح بحثه علما أنني لم أجد في الدراسة الأولى ذات أهداف مريضه وليس فيها سوى التركيز على معلومات معينة لأسباب واضحة المقاصد.
ويعود المؤلف لعام 1917م موضحا نقلا عن الياهو ابشتاين الذي مكث في منزل مثقال شهرين مشيرا ان مشهور كان متعاطفا مع الامير فيصل على عكس موقف مثقال الذي كان حتى ذلك الوقت على علاقة مع العثمانيين شأنه شأن كل الذين كانوا على صلة بالدولة العثمانية.
وهذا عزز من موقف مثقال عند السلطة العثمانية على حساب مشهور الذي قتل عام 1921م وفتح الطريق امام مثقال لزعامة استمرت حتى عام 1967م (ملاحظة: كتب خير الدين الزركلي عن مصرع مشهور.. وحدثني الأخ حاكم الفايز عن هذه الحادثة بالتفصيل).
امتيازات من الأمير لبني صخر:
تحدث الباحث عن امتيازات لبني صخر من الأمير عبد الله بن الحسين في مسألة الاعفاء من الضرائب وان ام العمد كانت تدفع عشرة جنيهات في موسم الحصاد وان مثقال اشترى بثمن بسيط 968ر33 دونما بإرادة أميرية فأصبح أكبر ملاّك.
رواية الباحث أحيانا تحتاج لتصويب مثلا ذكر ان مثقال توجه لسجن السلط وأفرج عن سجين بالقوة فطاردته الشرطة فعاد ليفرج عن باقي السجناء والصحيح انه يخلط بين قصة ارميح بن سليمان ابو جنيب الذي افرج عن مساجين من بني صخر ولكنه وقع في قبضة الجنود الأتراك فتدخل عقاب بن شلاش البخيت وخلصه..
ولقد وقع الكاتب في الخطأ السابق لأنه نقل عن تقرير موظف في الوكالة اليهودية وهو (كوهن) A.H. Cohen كان يحضر للأردن ويكتب تقارير ومنها تقرير كتبه في 15/2/1933 مشيرا لحادثة جرت عام 1922م وهي غير دقيقة للأسباب التي ذكرتها أعلاه، هنا لا بد أن أعلن في مسألة الامتيازات أتوقع ان الأمير عبد الله عوض بني صخر عن خسائرهم من هجمات القبائل النجدية عام 1922 وعام 1924م لاتهم ردوا الهجوميين، وتحملوا العبء الأكبر في ذلك.
مساهمات العشائر:
أشار لنجاح الصخور والحويطات وتقهقر مكانة العدوان عام 1923.
ملاحظة: هناك أخطاء عند من يكتب من خارج الأردن ولقد وقع الباحث في هذا الخطأ ذلك انه لم يتابع ما حصل في الأردن عام 1933م عندما تدهورت علاقة الأمير مع الاستقلاليين في ذلك العام.
كان الاستقلاليون يدعون لوحدة مع العراق دون ان يكون للأمير عبد الله أي دور في الوحدة، لقد وعى الأمير ذلك، فاستدعى ماجد بن عدوان وواجه الاستقلاليين في حزب الشعب ودعوا لمؤتمر بتشجيع من الأمير نفسه وصاغ الأمير قرارات المؤتمر بنفسه.. هذا عثرت عليه في وثيقة بريطانية في تلك الفترة.. ولذلك فان الباحثين الغربيين لا يتابعون موضوعا من بدايته لنهايته ويتحدثون عن فترة بعينها.
حادث البراق:
ذكر الباحث ان بعض القبائل الأردنية ومنها بنو صخر أرادت التوجه للقدس عندما وقع حادث البراق ولولا الأمير عبدا لله بن الحسين لفعلت ذلك.
وهذا يتناقض مع ما ذكره سابقا ان بعض زعماء العشائر اخذوا أموالا بعد لقاء مع حاييم وايزمن حتى لا يهاجموا المستعمرات، فلو كان ذلك صحيحا فعلا لما حاولوا التوجه للقدس بعد أحداث البراق.
وفي مكان آخر، يقول إن الانجليز عطلوا ذهاب مثقال للذهاب إلى القدس بعد حادث البراق... وفي نفس المكان يقلل من مساهمات مثقال الوطنية تجاه فلسطين... وهذا يحدث دائما مع من يكتب عن الأردنيين ويغمط حقهم ومساهماتهم الوطنية.. وعندما دعم مثقال إضراب عام 1936م فان التهمة وجهت إليه انه على علاقة مع الحاج أمين الحسيني ولذلك كما كتب الكاتب فان علاقة مثقال مع الأمير ضعفت. هنا أحب أن أوضح أن علاقات الأردنيين ودعمهم لقضية فلسطين لم يرتبط بالحاج أمين الحسيني وبعض شهداء ثورة 1936م وما بعدها من أحداث لم يعرف الحاج أمين الحسيني.
* مثقال والتعليم:
علم مثقال أولاده إذ تعلم نواش في لبنان ودرس عاكف الزراعة ولكنه يحب السياسة وفتحت الطريق أمامه بعد وفاة نايف 1934 بالرغم من أن عمر عاكف كان اربعة عشر عاما عام (1934).
* مثقال والزراعة:
كان ملاكا كبيرا واستفاد من المساعدات الزراعية واهتم بالزراعة ولكن المشاكل تفاقمت عليه.
* مركز مثقال في الأربعينات:
تحدث الكاتب عن مركز مثقال في الاربعينات ونقل عن (اسحق افيرا) الذي كان يعمل ميكانيكيا في بيت مثقال.. (واسحق افيرا) كان يعرف باسم نـاني (NAANI).
كان (ناني) يكتب تقارير من منزل مثقال للوكالة اليهودية (ومثقال لا يعرف طبعا). وكتب ناني أن مثقال كريم مع الفقراء وهو شغيل ونبيل وحضاري.
ولكن يتهم مثقال بأنه مال لألمانيا ولكن هل استنتج افيرا ذلك من نوعية علاقة مثقال ببعض المسئولين الانجليز.. ذلك أن (كلوب) كما حدثني (حاكم الفايز) لم يكن يدخل أم العمد ومثقال فيها. ذات مرة دخل وشاهد مثقال فعاد أدراجه. روى الكاتب ان ابو الهدى نسق مع كيركبرايد وكلوب واعتقل مثقال عام 1941م ولكن تم الإفراج عنه.
وفي رأي المؤلف ان موقف مثقال الزراعي أفضل من موقفه السياسي في الأربعينات.
مثقال في عمان:
بعد عامين ساءت الأمور أكثر وتدخلت قوات البادية لتحصيل الضرائب من مثقال وتدريجيا اخذ يركز على عمان بدلا من ام العمد واستقر فيها وفي عام 1946م عند استقلال الأردن وتأسيس المملكة كان عمر مثقال (70) عاما..
كان مثقال في فترة الحرب غير مرتاح من دعم الحكومة لشيوخ البدو في سورية.. كانت لكلوب وجهة نظر (مخابراتية) في التعاون مع هذه العشائر حتى بعد نهاية الحرب لأنه لم يكن يريد ان يقطع صلته بهم ولربما احتاجهم في المستقبل. والصحيح وكما قرأت في الوثائق البريطانية ان شيوخ الأردن كلهم لم يكونوا مرتاحين للدعم الذي كان يذهب لشيوخ سورية.
ملاحظة :تدفق أبناء عشائر ودروز من سورية ليأخذوا المال من كلوب .غضب الأردنيون كلهم وليس مثقال فقط وبالنسبة لي ألاحظ ان الملك كان في البداية يأمل ان يمهد كلوب لعودة الحكم الهاشمي لسورية .بالنسبة لكلوب كان يريد دعم العشائر السورية والدروز وليس عنده او عند بريطانيا أي نية لعودة الحكم الهاشمي كتب مسسؤؤل بريطاني تقريرا يعكس غياب الاهتمام البريطاني بالموضوع ولم اعثر على دليل بل على العكس عثرت على أدلة مضادة ولم يكن اتصال الملك مع السوريين مباشرا ولم يكن عندهم توجهات جادة لعودة الحكم الهاشمي .هناك فرق بين حديث مجاملات فقط وخطط جادة .كانت علاقة شيوخ العشائر في سوريه مع كلوب فقط ولأسباب مادية وليس الملك .
* جلد الكاتب
تابع الكاتب الموضوع بصبر وجلد كبيرين.
وهناك هفوات اشرت لبعضها سابقا ولكن هناك بعض الهفوات الاخرى ومنها:
اولاً: الفصل الاخير ممل للغاية وليس له هدف نهائي او نتيجة منطقية واستقى مصادره من جانب واحد وعلى سبيل المثال لا يعود الكاتب لمذكرات الملك عبد الله بن الحسين وغيرها من مصادر عربية اردنية.
ثانياً: وضع النتائج سلفا احيانا وطوّع المعلومات في سبيل ذلك واحيانا استخدم المعلومات لتحقيق افتراضات لا تثبت صحتها واحيانا كنت اتوصل لنتائج من افتراضاته غير النتائج التي توصل لها.
ثالثاً: سيكون من الافضل لو اعاد الباحث صياغة بعض الفصول مثل الفصل الرابع وفيه تكرار معلومات.
رابعاً: سأعرض مثلا الاستنتاجات الخاطئة عند الكاتب وهي ما حصل في مؤتمر عقده مثقال في شباط عام 1933 عندما عدت للوثائق لم اجد من استنتاجات الكاتب شيئا.حضر المؤتمر الشيوخ حديثة الخريشة وراشد الخزاعي وهاشم خير وشمس الدين سامي ونمر الحمود وجبرائيل حمارنة وتوما حمارنة وعيسى قعوار وحسن شربجي وسعيد حلاوة وسيدو الكردي واسعد البراك وراجي بشارة وسليمان السكر.وابرق المؤتمرون للأمير برقية يعترضون على السياسة التي يتبعها المصرف الزراعي ويطلبون من الامير انقاذ البلاد من كبوتها.ومن قراءة النص للبرقية تجد ان الكاتب استنتج استنتاجات خاطئة ليست موجودة في البرقية المذكورة.والخلاصة ان الكاتب كان عنده جلد في البحث عن الوثائق، لقد قضى في مركز الشرق الاوسط فترة تزيد عن شهرين يقلب في الوثائق الخاصة بكلوب وغيره واستفاد منها كثيرا.