الحكومة في ضيافة المعارضة
نبيل غيشان
22-03-2010 02:13 AM
لم يخل الملتقى الوطني الاقتصادي الذي عقدته احزاب المعارضة امس الاول من مفاجأة حكومية سارة تمثلت بحضور نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر حفل افتتاح الملتقى تلبية لدعوة اللجنة العليا لاحزاب المعارضة وهي خطوة رحبت بها احزاب المعارضة باعتبارها اتجاها حكوميا جديدا لفتح الحوار مع احزاب المعارضة.
المعشر نفسه امتدح مضيفيه وعلل حضوره لأن "احزاب المعارضة وطنية ولانها لبت دعوة سابقة له للحوار حول الاقتصاد الوطني" ووعد بدراسة اوراق العمل والتوصيات التي سيخرج بها الملتقى لدراستها .
لا اعتقد ان هناك خلافا بين الحكومة والمعارضة في تقييم مواقف وشخصية رجل بحجم رجائي المعشر الذي قدم من الرأسمال الوطني والتي لعبت "ابا عن جد"دورا مهما في السياسة الوطنية ورديفها الاقتصاد الوطني بعيدا عن المعارضة الحادة وصوتها العالي وبعيدا عن العلاقة مع الوكالات والشركات الاجنبية والسمسرة لها على حساب المواطن والوطن, ورفضا لسياسة اتخاذ الوطن بقرة حلوبا للتكسب ومراكمة الارباح .
ولا تعني سياسة حسن الجوار بين الحكومة واحزاب المعارضة التماهي بين الجانبين في الاهداف والمواقف , لا بل إن من أسوأ المواقف السياسية ان تنام المعارضة في فراش الحكومات او ان تدجن الحكومات المعارضين بالعطف والعطايا والهدايا, لان الخاسر في هذه الحالة هو الوطن والمواطن.
ان حضور المعشر الى عرين المعارضة والاستماع الى ارائهم وبرامجهم ومطالبهم يشكل بداية حكومية ناجحة في التعامل الجاد مع المعارضة وفتح الحوار مع احزاب المعارضة ونقل الحوار من الشوارع والبيانات والشجب والادانة الى الحوار الهادئ الفعال على الطاولات وبشروطه الحقيقة في وجود مرسل ومستقبل بالاتجاهين.
لا احد يدعي انه يملك الحقيقة كاملة لا الحكومة بجبروتها واجهزتها ولا احزاب المعارضة بجماهيرها واعتصاماتها وبياناتها, كل لديه جزء من الحقيقة ومطابقة الاجزاء المبعثرة وتركيبها هي الوصفة السليمة لبناء الاوطان وتصحيح الاخطاء ومكافحة الفساد.
كثيرون هم رؤساء الحكومات الذين جلسوا في الدوار الرابع ولم يجيدوا الا فن صناعة الخصوم وتكبير حجوم الاعداء وعندما غادروا كراسيهم الوثيرة لم يعد الناس يذكرونهم, لان قبول الاخر والحوار معه ومحاولة تغيير رأيه او اقناعه بالحسنى هو روح العصر , فنحن بحاجة الى حكومات راشدة عاقلة, تحاور ولا تهمش ,تحكم ولا ينتقص من صلاحياتها, وفي المقابل نريد معارضة وطنية قوية متصلة بقواعدها الشعبية ومتفاعلة معها تكون ندا للحكومات وتوقف اخطاءها وتجاوزاتها وتكون عينا للمواطن على اعمالها, لان "الشعوب السائبة تعلم الحكومات الحرام".
تخطئ الحكومة واحزاب المعارضة وكل النخب الفاعلة في المجتمع إن هي لم تتفق على هدف اساسي واحد يتمثل في إْنعاش واحياء الطبقة المتوسطة التي اودت بها سياسات الخصخصة والسياسات الليبرالية المتوحشة لان ذلك الهدف لا يحمل بعدا اقتصاديا بحت بل يصب في جوهر عملية الاصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي التي تسعى اليها الدولة في برامجها وخططها, لان إعادة إحياء الطبقة الوسطى يعني بالتأكيد تنشيط القطاع العام وإعادة الاعتبار له كونه احد اعمدة الاستقرار والامن الوطني بمفهومه الشامل.0
nabil.ghishan@alarabalyawm.net
العر باليوم