كورونا .. كورونا .. وماذا بعد
د. خلف ياسين الزيود
06-10-2020 12:25 AM
لا شك أن هذا الوباء " كورونا" غيًر بعض السلوكيات التي نمارسها سواء اجتماعيا أو مهنيا وحتى اقتصاديا، وكنت سابقا تحدثت في مقال عن سلوك المستهلك وتغيير ثقافته ضمن هذه الحالة الوبائية.
ولكن المهم هواليوم ونحن بمرحلة التعايش مع هذا الوباء، سأتحدث عن كيف تعاملت المنظمات الدولية والدول الكبرى مع الإغلاق وكيف حاربت واجتهدت للبقاء .
نعم عزيزي القارئ حاربت للبقاء لأن وباء كورونا قام بقتل الكثير من السلوكيات وإعادة إحياء لسلوكيات تقليدية قديمة وكما قام بخلق سلوكيات جديدة، وكل هذه التغييرات كان من شأنها التأثير على حياتنا بكافة انماطها، فمثلا اقتصاديا نجد أن قرار الإغلاق الذي اتخذته الدول في بداية الجائحة كان تحديا لخلق فرص جديدة لا سيما وأن هناك الكثير من القطاعات دمرت والكثير من النشاطات توقفت والكثير من الصناعات أيضا .
ولكن اذا ما سلطنا الضوء على إيجابيات الحالة ككل وأخذنا دراسة بسيطة لإجراءات المؤسسات العالمية والدول سنجد ملامح الحياة القادمة او الجديدة كما يطلق عليها رجال الأعمال ، وهنا مكمن البراعة بالتخطيط السليم والمواكبة لهذا القادم ولا بد لنا في الاردن ان نبادر ونجد لنا موضع قدم في هذا التغيير .
أتقدم هنا ببعض النقاط التي أثارت الانتباه والتي أدعو المختصين وأصحاب القرار إلى الانتباه لها :
أولاَ: بعد اغلاق الدول المصنعة الكبرى على نفسها بسبب الجائحة مثل الصين و تايلاند تأثرت الكثير من الشركات بالعالم خاصة التي تعتمد على الصناعات الثقيلة مثل شركات السيارات، حيث ما كان يجري مثلا هو تصنيع القطع بالصين وتجمعيها بالدول التي تبيع، ولكن اليوم بدأت هذه الشركات تتجه لتغيير هذه السياسة ولو انها مكلفة عن السابق، لكنها تضمن استمرار التصنيع والبيع في حال حدوث طارئ.
ثانياَ: السياحة ودور التكنولوجيا في استمرار تدفق العائد السياحي من خلال إيجاد منصات افتراضية على الإنترنت لزيارة المواقع السياحية افتراضيا وهذه التجربة عملت عليها دول أوروبية كفرنسا والمانيا .
ثالثاً: دعم المشاريع والشركات المتوسطة والصغيرة، حيث انه ثبت خلال هذه الجائحة بجميع دول العالم أن الشركات المتوسطه والصغيرة كانت اكثر فائدة خلال الإغلاق من الشركات العملاقة لأن الشركة المحلية تساهم بالاكتفاء الذاتي على عكس الشركات الكبرى التي تعتمد على التصدير واعتقد اقتصاديا ان تقديم الدعم للمشاريع الصغيرة والحديثة افضل منه الكبيرة .
رابعاً: الاستثمار فلطالما كانت سياسة الاستثمار في بلادنا تركز على نقطة واحدة وهي جلب وجذب الاستثمار الأجنبي فلابد من مراجعة حساباتنا وإعادة وضع سياسة أخرى تتماشى مع الواقع الجديد الذي نعيش، حيث انه وكما نشاهد بالدول حولنا أصبح تشجيع الاستثمار المحلي او الاستثمار بالمشروع المحلي ودعمه وتطويره يشكل عائد اكبر للاقتصاد الوطني.
خامساً: التكنولوجيا وهي أكثر القطاعات ازدهاراَ وانتعاشاَ بسبب الجائحة، لا بل ان كورونا كانت سبب لقفزات كبيرة في سلوكياتنا في قطاع التكنولوجيا، والاردن كما يعلم الجميع هي إحدى أكثر الدول في تصدير التكنولوجيا.
وهنا واجب علينا أن نحقق ما هو مطلوب منا محلياً وعالمياً حيث اصبح الاستهلاك البشري في مجال التعليم والصحة والتجارة يعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا، وعليه فأنه لا بد من تفعيل قدراتنا في تطوير برامج ومنصات لكل العالم للمساهمة في خلق الواقع الجديد .
نحن مقبلون على عالم جديد وشكل جديد لحياتنا ونمضي بسرعة هائلة في هذا التطور والانتقال من حاله الى حاله، والمفاجئ في هذا الامر ان التطور والانتقال للواقع الجديد هو اجباري، فأما ان " تنتقل او تندثر" كما اندثرت الكثير من القطاعات والسلوكيات. يجب أن نعلم أن الدول والشركات والمؤسسات العالمية بدأت التسابق لوضع موضع قدم لها أو شراكة في هذا العالم الجديد، لذلك علينا التحرك بسرعة لتغيير استراتيجياتنا لنواكب ما يجري ولتكن استراتيجيات دولة وليس استراتيجيات حكومة أو أشخاص خوفاً من أن تذهب عند ذهابهم.