مع اختلاف السياق والمناسبة اتذكر كلمات قصيدة بشارة الخوري وانا اتابع خطاب التخويف والفزع الذي تنامى مع زيادة عدد حالات الاصابة ب كوفيد 19 . مع اطلالة اعضاء الحكومة عبر شاشات التلفزة كل مساء اتأمل ملامحهم الصارمة واستمع باهتمام الى نصوص بياناتهم التي تحذر من الاخطار القادمة فينتابني الكثير من الخوف والقلق دون ان يعرف ما الذي يمكن عمله “.
لا اجد ما اقول سوى ان اصمت قليلا واستعيذ بالله من الشيطان الرجيم واعاود الاستماع الى قصيدة بشارة الخوري بصوت الفنانة فيروز “ يا عاقد الحاجبين …على الجبين اللجين …ان كنت تقصد قتلي… قتلتني مرتين ….صبرت حين براني …وجدي وقرب حيني ….اخاف تدعو القوافي ..عليك في المشرقين “
لا اجد كلمات تعبر عن حال الاردنيين وهم يستمعون الى البيانات الحكومية الخاصة بانتشار وتفشي الكورونا اكثر من هذه الكلمات فقد هيمنت روح التخويف وادامة القلق على معظم ما يتم بثه في وسائل الاعلام المحلية.
الحديث الذي جرى مؤخرا حول احتمالية انهيار النظام الصحي اثار الخوف والهلع لدى الملايين من الذين استمعوا الى هذه الرسائل الامر الذي دفع بالحكومة لمراجعة ذلك واعادة تصويب ما صدر على ألسنة أعضائها باستعراض الامكانات الطبية المتوفرة وتوضيح بعض الحقائق حول اعداد الاسرة المتوفرة في النظام الصحي الاردني واعداد وحدات العناية المركزة ومدى الحاجة الى اجهزة التنفس الصناعي كل ذلك في ضوء المؤشرات. حتى اليوم لا تزال معدلات الاصابة اقل مما هي عليه في معظم بلدان الجوار لكنها في تزايد . كما ان الوفيات ونسبها قليلة لا بل اقل مما شهدته الكثير من دول العالم الصناعي فهي في حدود الـ 1 % .
الرسائل التطمينية التي جاءت على لسان الفريق الحكومي قبل يومين وباسناد من مدير الخدمات الطبية الملكية هي ما يحتاج له المجتمع وهو يشعر بتزايد اخطار الانتشار والتفشي. فلا فائدة وجدوى من ان تخيف الناس وتخلق لديهم المزيد من الشك وهم يواجهون الاخطار ويحتاجون الى المناعة ورباطة الجأش والثقة الى جانب الوقاية والاحتياطات التي لا بديل عن الالتزام بها.
الانتقال من وضع لم تسجل فيه اي حالات محلية وبلا وفيات الى حالة انتشار وتفش طالت كافة محافظات المملكة امر يصعب تقبله من قبل الناس ومن غير المناسب القاء اللوم على المواطن خصوصا وان الحكومة تملك ادوات فعالة لتنفيذ السياسات ولديها الصلاحية لاصدار سيل من اوامر الدفاع التي طالت الحظر والحجر والعزل لأي مكان. ضعف الرقابة على الحدود وتسرب الحالات من الخارج مسؤولية لا يتحملها المواطن وواقعة ما كان ينبغي ان تحدث او تمر بلا مساءلة.
العودة للوم وتخويف الناس دون امتلاك القدرة على حمايتهم وتجنيبهم الاخطار التي جاءت جميعها من الخارج تحت انظار ومسامع الحكومة واجهزتها نهج غير ملائم يضعف الخطاب ويقلل من المصداقية خصوصا وان المخالفات التي ارتكبت منذ بداية الازمة بدءا بتزوير التصاريح والمتاجرة بها ومرورا بتسلل حالات المصابين عبر الحدود والتراخي في تجهيز اماكن العزل للسواقين على نقاط الحدود مرت دون محاسبة او متابعة المسؤولين عن هذه الاخطاء ومحاسبتهم.
اليوم وبعد هذه التطورات يحتاج الاردنيون الى خطاب يمزج بين الارشادات الصحية وبث الطمأنينة اكثر من التخويف واثارة الرعب غير المقرون باجراءات حماية فعالة.
الغد