ما هو أخطر من استمرار الحكومة
فايز الفايز
06-10-2020 12:05 AM
انشغل الرأي العام الأردني بمختلف طوائفه وشرائحه بتفسير مشروعية بقاء حكومة د. عمر الرزاز على قيد الحياة السياسية بعد قبول استقالتها من قبل جلالة الملك، وبات وجودها مضطرباً بناءً على التفسيرات الدستورية بين من يعطها الشرعية ومن يحجبها عنها، فتحولت القضية من قدرة الحكومة على الاستمرار بالأعمال والواجبات التي تراكمت والإبقاء على سلسلة القرارات التي يحتاجها البلد في ظل تصاعد أعداد وفيات كورونا وتضخم أعداد المصابين إلى قضية الحفاظ على دستورية الحكومة، فيما البلد يواجه ما أخطر من بقاء حكومة الرزاز أو رحيلها وهو جفاف نبع الشخصيات السياسية الأردنية التي يمكنها قيادة الحكومة باقتدار وشجاعة.
الطراز الأردني شبه فريد في عالمنا العربي، فغالبية الدول يمكن التنبؤ برئيس وزرائها القادم حسب منظومة العمل العام وخبراته العملية وإنجازاته وبعض العوامل المرتبطة بكينونة النظام السياسي، ولكن في الأردن باتت المعضلة في عدم استطاعتنا التنبؤ أو التعويل على أكثر من شخصية أو اثنتين يمكنهما قيادة مرحلة حكومية جديدة، وهذا ما يجعل الموقف دائماً محاطا بالضبابية وحتى يظهر رئيس جديد ننشغل بأسماء الفريق الوزاري ومن هو الأقرب للرئيس ومن هو أبعد ومن يستطيع ومن لا يستحق.
في كثير من الدول هناك ما يسمى عائلات سياسية تتوارث العمل السياسي وتشكيل الأحزاب والخوض في الانتخابات عبر تكتلات وأحزاب وتوجهات سياسية وتفرز من بينها رؤساء ووزراء وقيادات تتصدى للعمل الرسمي وتبوؤ المناصب، وهذا يتطلب مدارس سياسية وفكرية واقتصادية ينشأ فيها جيل إثر جيل، ولا ينقطع حبل البروز بغض النظر عن التوجهات السياسية أو الفكرية أو العقائدية، فمن كان أفضل وأقوى على حمل المسؤولية بعلم وعمل فهو الأفضل والأكفأ، وهذا ما جعل الفروقات بائنة في الدول بين من هي ناجحة ومن هي فاشلة.
ليس الحكومات فحسب بل المجالس التشريعية يجب أن يتم اختيار الأكفأ والأقدر على اجتراح الحلول والعمل على تطوير عمل السلطات وتوفير متطلبات الشعب وعدم التمييز ما بين فئاتهم، وهذا ما يجعل عمل الحكومات والمؤسسات الرديفة شفافاً وأسطع من النور في البلورة، وغير ذلك سيبقى الجميع يئن جيل يدهس جيلاً وفئة تغالب فئة، وستبقى المصالح والروابط الاجتماعية والمناكفات والحب والكراهية تتسيد المشهد التاريخي والمستقبلي، والأصل في السياسة أن لا محل للحب أو الكراهية بناء على مزاج المسؤول، بل المعيار هو القدرة والكفاءة والإخلاص بأمانة بغض النظر أيعجبك هذا أم لا يعجبك.
اليوم بات ما هو أخطر أننا لا نستطيع التأشير على رجل يقود المرحلة بكفاءة وخبرات تستطيع تغيير الواقع، وتجابه التحديات الصعبة جداً التي تتربص ببلادنا، داخلياً وخارجياً، والأخطر خارجياً أننا أمام احتمالية خسارة عمقنا السياسي وعض أيدينا فيما نحن نسيطر عليه من تهديد وجودي تشكله الحكومة الاسرائيلية ومن يدعمها، وأكثر من ذلك خسارتنا للاعبين محترفين يستطيعون التفاوض مع الدول المانحة وصناديق الاقتراض التي سترهقنا صعوداً، وإلا فما الفرق بين بقاء الرئيس الرزاز سنة كاملة أو قدوم جديد لا يحمل أي جديد.
الرأي