في الجدل الدستوري حول استقالة الحكومة ..
المحامي محمد الصبيحي
05-10-2020 12:55 PM
اشتعل الجدل حول دستورية حكومة تصريف الأعمال وحدود صلاحياتها، وبالذات تلك الندوة ( المناظرة) بين معالي د ابراهيم العموش ومعالي د نوفان العجارمة.
فالعموش يرى ان حكومة تصريف الأعمال إجراء غير دستوري بينما يرى العجارمة انها تتوافق مع الدستور ولكنها بصلاحيات تسيير الأعمال الضرورية لتصريف شؤون الدولة وليس لها اصدار أنظمة او اتخاذ قرارات هامة ، وقد ايدته في ذلك رئيسة ديوان التشريع السيدة فداء الحمود .
اختلف مع السيد العجارمة والسيدة الحمود اختلافا جوهريا ولا يمكن المرور بسهولة على رايهما في الموضوع كما يحتاج رأي الدكتور العموش إلى مناقشة واستكمال
ما ابداه د العجارمة والسيدة الحمود اجتراح دستوري جديد يناقض الأساس الدستوري الذي يقوم عليه نظام الحكم ، فليس في النظام الدستوري الاردني شيء اسمه حكومة بصلاحيات منقوصة، فإما حكومة بصلاحيات دستورية كاملة وإما لا حكومة وفراغ دستوري خطير.
والسؤال : من الذي يملك سلطة منع الحكومة من اتخاذ قرارات هامة او أوامر دفاع شاملة ؟؟ لا أحد طبعا الا في الحدود الدستورية كأن يحتاج قرار ما إلى ارادة ملكية لنفاذه.
قد يقول قائل أن جلالة الملك كلف حكومة الرزاز المستقلة بتصريف الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة، وأن هذا التكليف بتصريف الأعمال يعني التسيير اليومي لمرافق الدولة دون اتخاذ قرارات هامة، وأعتقد أن هذا المفهوم هو ما أستند اليه د العجارمة والسيدة الحمود، ولكن إذا قلنا أن الدستور حدد صلاحيات الحكومة، حكومة ذات ولاية عامة فهل يملك جلالة الملك تعديل الدستور شفويا او خطيا بالحد من صلاحيات الحكومة وتقييد قراراتها؟؟ بالطبع لا وجلالته لم يفعل ذلك أيضا وإنما قصد بتصريف الأعمال تفادي وجود فراع في جزء جوهري من السلطة التنفيذية، ثم إن تقديم الحكومة لاستقالتها وصدور ارادة ملكية بقبول الاستقالة جعل من رئيس الحكومة والوزراء مواطنين خارج الخدمة العامة بدون أي صلاحيات قانونية أو دستورية.
ان قبول الاستقالة جعل الرئيس والحكومة في حل من القسم الدستوري، ولا غطاء قانوني لأي إجراء أو قرار أو توقيع لأي منهم.
ونعود إلى رأي د العموش بأن حكومة تصريف الأعمال إجراء غير دستوري وانا أؤيده في ذلك ولكنني أضيف انه لا يجوز بقاء الدولة بدون حكومة دستورية ولو لدقيقة واحدة، ولتفادي هذا الأمر وحيث أن استقالة الحكومة ترفع إلى جلالة الملك ويسري مفعولها وتنتج آثارها اعتبارا من ارادة الملك بقبولها فقد كان الأمر يستوجب ان ينص في الارادة الملكية على قبول استقالة الحكومة اعتبارا من تاريخ تشكيل حكومة جديدة وحلفها اليمين الدستورية أمام جلالة الملك، وبهذا تستمر الحكومة.
المستقيلة في عملها الطبيعي ونتفادى حصول فراغ دستوري.
ورب قائل أن استقالة الحكومة ناجزة ومنتجة لأثارها فور تقديمها فأقول ان الوزارة وظيفة سيادية لا يجوز التخلي عنها بإرادة منفردة من شاغلها ، وعلى سبيل المثال فاستقالة عضو مجلس النواب تحتاج إلى موافقة المجلس لانه يمثل ارادة الناخبين وتقبل استقالته بموافقة ممثلي الناخبين ِ ورئيس الوزراء والوزراء باشروا عملهم الاداري والسيادي بإرادة من رأس الدولة وتخليهم عن ذلك يكون أيضا بإرادة رأس الدولة جلالة الملك.