الأثر المجتمعي لجائحة كورونا
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
05-10-2020 01:02 AM
في غمرة الاهتمام بانتشار كوفيد-١٩ و أعداد المصابين يغيب الحديث عن الأثر المجتمعي للوباء برغم أنه سيكون في مرحلة ما جوهر المشكلة. للتبسيط ساركز على الآثار التالية؛ التوتر و القلق، الاستهلاك النفسي للفرد و المسؤول، تراجع الترابط الاجتماعي، الميل للفوضى، الاثر الثقافي على الادراك و الوعي.
الأوبئه و الجوائح تضع المجتمع في حالة من التوتر المستمر نتيجة لفقدان الأمن النفسي و عدم القدرة على توقع الغد مما يؤدي للافراط في افراز الادرينالين و النور ادرينالين و الكورتيزول لتدخل الجسم في حلقة مفرغه من ارتفاع السكر و الضغط و ضعف المناعة و القلق مع ما يتبعه من تشكي و تذمر مستمر. للتوضيح علميا فالجسم بكل اجهزته يتم الحفاظ عليه من خلال توازن بين الجهاز العصبي الودي و نظير الودي بحيث يسيطر نظير الودي في حالات الاسترخاء أو العمل أو الانتاجية و الامن الداخلي و الطمانينة في حين يتم تفعيل الجهاز الودي في لحظات القلق او فقدان الامن نتيجة خطر حقيقي او متوقع فيتبع ذلك ارتفاع في دقات القلب و الضغط و تشنج العضلات و ارتفاع السكر لتوفير الطاقة و اضعاف العمليات غير الضرورية لحظيا مثل جهاز المناعة و تنظيم المناعة و البول و الجهاز الهظمي. لكن تلك التغيرات تحدث لحظيا ثم يعود الجسم الى التوازن في دقائق أما ان بقي الجهاز الودي يعمل لفترات طويلة أو متكررة نتيجة فقدان الامن الداخلي او القلق من القادم فان الافراد العاديين سيبدأون بالشكوى من الام عضلية متكرره، ارتفاع في السكر و الضغط و الاهم الوصول لمرحلة الاستهلاك الجسدي و النفسي بحيث يشعر الافراد بفقدان الدافعية و الملل السريع و التشكي و التذمر و الاحباط و الاهم من ذلك ضعف المناعة مما يجعلهم عرضة للالتهابات بانواعها و يضعف القدرة على مقاومة الفيروسات بشكل عام.
الأثر الثاني هو اضعاف الترابط المجتمعي لحساب المصالح الفردية، فالانسان بطبعه غرائزي و ينظم تلك الغرائز الضوابط الدينية و العلاقات الاجتماعية و المرجعية القيمية. أما في الاوبئة و الجوائح فارتفاع الاصابات و الوفيات و الاضطرار لازالة الشكليات الاجتماعية بالمشاركة سواءا النفسية او العينية يزيل الاطار و يبقي الجوهر بما فيه من قسوة ان يواجه الفرد و الدائرة الاولى فقط تأثير فقد عزيز او قريب و للتبسيط فالتقبيل على الخدين في مناسباتنا الاجتماعية يعتبر اشارة تقارب و ود أما مع الاوبئة فيعتبر علامة لامبالاة و ضرر.
الأثر الثالث و هو تراجع اهمية القيم الحضارية و الثقافية فاهتمام الفرد بحماية نفسة و عائلته خصوصا في غياب رؤية و رسالة ثقافية سيؤدي الى محدودية في الادراك و نقص مستوى الوعي و تسطيح التفكير فيصبح المجتمع عرضة للاشاعات و الاحكام المسبقة و التركيز على الشكل بدل المضمون مما يجعل الكثير من الجهد المهني و العلمي الحقيقي هباءا و تصبح الحكومات و المؤسسات تحت ضغط رأي عام غير مدرك و غير ممتن و يصعب ارضائه.
الأثر الرابع فهو الميل للفوضى حيث ان العبئ الثقيل على اجهزة الدولة يغري ضعاف النفوس على الاستقواء على الناس العاديين و استذكر هنا ما كتبة البير كامو في رواية الطاعون أن البعض كان يحرق و ينهب بالغريزة بالرغم انه قد لا يعيش ليستفيد مما استولى عليه.
يبقى السؤال ماذا نستطيع ان نعمل لنخفف هذه الاثار. برأيي الشخصي و من خلال اطلاعي العلمي و الثقافي:
اولا استعادة ثقة الفرد بالمؤسسة و المسؤول من خلال المعلومة الموثوقة و البعد عن الشو الاعلامي متذكرين ان اي قرار سيكون له مناصرين و منتقدين لكن القرار المبني على معايير علمية يمكن دائما الدفاع عنه.
ثانيا اختيار مسؤولين يثق بهم المجتمع كفاءة و علما و مصداقية
ثالثا ان تشرك الرسالة الإعلامية المجتمع بان تركز على ما حققة المجتمع في ازمات سابقة و الثقة بقدرات المواطن و مسؤوليته بدل الرسالة الاعلامية الاستعلائية باتجاة واحد من المسؤول او الاعلامي التي تركز على اللوم و القاء المسؤولية على الافراد.
رابعا دور وزارة الثقافة مهم جدا فهي القادرة على رفع الوعي و توسيع الادراك و ابراز دور شباب و قدوات كان لهم اثر في محاربة الوباء و التركيز على المثقفين (و ليس فقط المتعلمين و المتخصصين) ثم ان ظروف الحجر و التباعد تعطي فرصة للقراءة اذا توفرت منصات ثقافية مجانية بدل ان يتم قتل الفراغ بالتذمر و القلق و التوتر.
حفظ الله الجميع