رأساً مرفوعاً وجناحاً خفيضاً
21-03-2010 10:54 AM
أنتِ كل أيامنا وأعيادنا، والسنة بكامل تقاويمها وساعاتها ومسراتها، فمن هذا الذي قزم عيدك الممتد، من أول كانون لأخر كانون، من ذا الذي قزمه وجعله يوما وحيداً، وهدية مطبخية براقة، أو رسالة هاتف خلوي؟؟. فصباح الخير أيتها الرائحة الطيبة.. يا أمي.
كم أتوق أن أرمي برأس الموخط باشتعالات شيبه الأولى، أرميه بحضنك ساعة أو دهراً، فحتى لو كنت أباً لثلاثة أطفال يستهجنون إني مثلهم أيضاً أحتاج يداً تأخذ برأسك بين حين وحين، وتمسد شحمة أذني، ثم تخبئني برائحة ثوبها. فيا صغاري، مثلكم أنا أتوق لحضن أمي كاملاً، وأتلذذ بشجي صوتها المازال يسكن ترانيمي الأولى، إذ تلهيني على عتبات النوم بزوج حمام؛ فلماذا يا أمي نام الحمام، وطفلك ظلت تقارعه الأيام، وظل هائماً بريش الأحلام؟!!!.
فيومهم لا يعنيك من قريب أو بعيد، الأيام كلها أنت!!، إذ نلهث وراء جنة من سلسبيل تحت قدميك. نحن معك وبك ولك، لا نقطع حبل السّرة!!، مهما كبرنا، فلا تدوري أيتها الأرض؛ ولا تشيخي أيتها الشمس، كي لا ينبت فينا شوك القسوة، وكي لا يذبل عنا برعم الزهر، فدعي مشط أصابعك يتغلغل رأسي من جديد، ليبقيني على قيد الحب!.
الآن وكلما غافل طفلي فنجان قهوتي، ولعق بقاياه تاركا شاربين ضاحكين على شفتيه، أضمه إلي بقبلة ماسحة، وأتذكرني طفلاً كان مراراً يضبط متلبساً ببقايا القهوة، ويذكرني بأصابعك يا أمي تمسح عن خاتم فمي شاربيين زائفين، ثم تنهالين علي بالقبلات والشمات وخفيف العضات، وتتمنين لي أن أكبر، وأصير رجلاً بشاربين حقيقيين. فها نحن كبرنا يا أماه، ولاكتنا الأيام، وأثقلتنا الشوارب، التي كثيرا ما أتمنى لو أنها من بقايا قهوة؛ فأمسحها واستريح!!.
صباح الخير أيتها الأم الصديقة المؤنسة، صباحك طيب وأنت تزخرين بكل هذه الأمومة الممتدة: أمومة أبناء تشعبوا وفتحوا بيوتاً، وما زلتي تحملين همومهم أكثر منهم، صباح الخير، وأنت تزخرين بأمومة خالصة لأحفاد مشاكسين يثيرون البيت زعرنة وصخباً، فيا ربي، امنحني رأساً مرفوعاً شامخاً، وجناحاً لا ينخفض إلا لأمي وأبي ذلاً ورحمة!!.
ramzi972@gmail.com