لا يجوز الا الرحمة على هذه الحكومة التي ورطتنا في كل الملفات التي تعاملت معها ورحلت، وقد انهالت على كاهل المواطن المصائب والمصائب. ومن يشك في ذلك فلينظر الى النتائج النهائية التي نواجهها في كل نواحي الحياة ليجد التراجع وفقدان الامل وعدم المساواة والفقر والبطالة وضعف الاستثمار , وتردي الوضع الصحي وارتفاع الاسعار والتخبط في التعليم والعشوائية ( وتخبيصات القبول , وفوضاها التي صاحبها صراخ الآباء والامهات والابناء ) فمن ملك المال فاز ومن لا يملك الا قدره ‘ فله في الفضاء الامل . وكله يعود لقصر نظر الحكومة وطفولة تفكيرها , ورعونة وزرائها وتفكيرهم الضيق وتوجههم الذي لم يرتق لمستوى تحمل مسؤولية الولاية الكاملة ولا نصفها ولا حتى جزء منها , فالرئيس اشبعنا تنظير مفرغ من محتواه , والوزراء تسابقوا في طرح الافكار التي وللاسف افرغت الوطن من جسوره وقواعده وركائزه , وحولوا القطاعين العام والخاص الى ايتام في مائدة اللئام قطاعات مبعثرة متناثرة دائمي الشكوى والرجاء من الحكومة العطف , والشفقة ؟!
والشيء الاعظم ما فعلت الحكومة بقطاع التعليم وما فعلت بالاهالي ، فقد رأيت دموع الاباء والامهات وهي ترى ان ابنائهم لم يحصلوا على فرص التعليم وان حصلوا بسوء الاختيار تجدهم يتشتتون في تخصصات لا علاقة لهم بها، او في امكنة بعيدة تحملهم العناء والمال رغم تلك الظروف القاهرة التي وضعت المواطن تحت مقصلة صراع البقاء . المواطن الاردني يتجه الان نحو الموازي او نحو الجامعات الخاصة ليزيد من ثراء اصحاب هذه الجامعات او ليزيد دخل الجامعات الحكومية وعلى حساب جيب الموطن المثقوبة ‘ وهذا كله يعود لسوء ادارة العملية التعليمية من قبل الحكومة التي لم تعي ان خططها خلطت الاوراق وخرجت بنتائج غريبة عجيبة ونادرة لا تتوافق ومعايير التربية والتعليم العالمية . الم تنظر الحكومة الى نفسها وهي ترى عشرات الاف الطلبة يسجلون في الموازي رغم معدلاتهم المرتفعة ، ليس لسبب الا لانهم لم يحصلوا على نفس التخصصات بالمنافسة ,وهل من الضروري ان احصل على 100% حتى ادرس الطب وهل يجب ان احصل على اكثر من 95 حتى ادرس الهندسة , وهل الفرص تتبخر في اي تخصص لمن حصل على ما دون ال80%. فيا وزارتي التربية والتعليم العالي ، ما معنى ان 30% من الطلبه وقعوا بسوء الاختيار , وما معنى الاختيار الاول والثاني والثالث للطلبة , اليس الميل والرغبة . ولما يقبل بالموازي ما دامه لم يقبل بالتنافس ولنفس التخصص , هل المسألة هي المال ؟ ودفع الاهالي للتوجه الى الجامعات الخاصة وبكثرة , وليس بخاطرهم بل لتأمين مقعد دراسة لابنائهم الذين كدهم الياس والشعور بالاحباط.
العملية التعليمية واسلوب الامتحان وقرارات الحكومة في التربية وفي التعليم العالي قرارات متخبطة متغيره ومتناقضة , فرضت نتائج شبه مخجله لم تعكس مستويات الطلبة ولم تعكس الجهد والتحصيل والذكاء والفروق الفردية بين طلبة التوجيهي , فجاءت ضربة حظ، وعشوائية وغير ممثله لحقيقة قدرات الطلبة , لتنعكس مباشرة على مستويات القبول وتوزيع الطلبة على التخصصات , بحيث خالفت اهم معايير التوزيع المبني على الرغبة , والقدرة والقرب والتخفيف على المواطن .
المواطن المكلوم والمتألم من الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية , يصفع مرة اخرى بقبولات الجامعات ، فهو مضطر لان لا يحرم ابنه او ابنته من دراسة ما ترغب ولم تسمح اجراءات وسلوكيات وتفكير الحكومة المتهلف وغير المدروس بتحقيق هذا الحق للمواطن رغم معدلها المتفوق فهو مضطر لان يحققه لها بدراسة الموازي , ولا يليق بفلسفة التعليم العالي وغايته !!!!! هل هذه السياسات التي حرمت عشرات الالاف من الطلبة من حق الدراسة في جامعاتنا الحكومية وأهاليهم مواطنون ملتزمون بالحقوق والواجبات , ولماذا نضطر لدفع مبالغ طائلة للموازي ولنفس الجامعة وغيرنا يدفع على التنافس العادي لاسباب لا تتعدى سوء سياسات وتنظيم العملية التربوية التعليمية في المملكة .
الظروف المتخبطة التي وضعتنا بها الحكومة تحت مسميات الحالات الطارئة وتطبق ما تشاء من قوانين وتوقف ما تشاء من هذه القوانين بفعل قانون الدفاع وتلزم الناس بما تريد وكيفما تريد هي معنية أيضا وللحالة الطارئة هذا العام ان توقف مفهوم الموازي وتعامل جميع الطلبة بنفس المعايير خاصة وانها ما زالت الاعداد ضمن طاقة الجامعات وكذلك الواقع الاقتصادي للناس الذين يبكون مستقبل اصعب ، وعدم القدرة على تمويل ابنائهم في مشاريع الدراسة عل الموازي ؟؟
واستشهد على ما اقول (والحديث موجه لوزارة التعليم العالي وتذكيرها ) بما تم للمرحوم الطالب الشخانبة الذي عكس روح الانسانية المفقودة لدى اصحاب الرؤى القصيرة والانسانية المفقودة ، ولا نريد ان نذكر الوزارة ان عشرات وعشرات الطلبة سيصلون حالة المرحوم , وان المستقبل المؤلم سوف يحول هؤلاء الطلاب الى قنابل موقوته خاصة وان الامل منتهي وميؤوس منه في الحصول على وظيفة او لنقل فرصة عمل ؟! .
الحكومة المرحومة او وزارة التعليم العالي بشبابها الذي نعتز ونفتخر مطالبون بحكم المسؤولية والوطنية والانسانية ان يضعوا امام وزيرهم الحالي او القادم , فكرة الغاء الموازي وتسكين كافة الطلبة ’ وبالتالي رحمة الناس على الاقل من التكاليف الباهضة في هذا الظرف الصعب والتخفيف على على الاهالي الذين يصرخون ويئنون , وان يعيد النظر بمسؤوليات ودور الجامعات الخاصة , فبالاضافة ان المستويات ضعيفة وان الهدف هو التحصيل المالي وما غيرها فهو تلقائي , فان مستوى التعليم ومسؤولية مستقبل الوطن باعداد الطالب اعدادا قويا يبقى في يد الوزارة . رحم الله الحكومة فقد تأملنا ما هي ليس بمقدوره .