الكرامة .. بدر كانت حاضرة هنا
محمد حسن التل
21-03-2010 03:44 AM
هذا اليوم ليس ككل الأيام في تاريخ الاردن والامة ، فبمثل هذا اليوم قبل اثنين وأربعين عاماً ، كان التاريخ منشغلاً هنا ، كان منشغلاً بهذا الحمى الهاشمي ، حيث سجل بحروف من ذهب ، سيرة ملحمة عظيمة خاضها جيشنا العربي ، ضد عدو مغرور غادر غاشم ، لا يردعه خلق ولا إيمان ، وسط حالة هزيمة شاملة ، كانت تجتاح الأمة من المحيط إلى الخليج ، ففي فجر ذلك اليوم العظيم ، كانت الأمة كلها على موعد مع النصر ، على أيدي جنودنا الأردنيين البواسل ، الذين حفروا نصرهم في صدر التاريخ بدمائهم الحارة الزكية ، ولقنوا الدنيا كلها درس الثبات عند الشدائد العظام ، وكانوا لتوهم قد خرجوا من معركة ، فرضت عليهم فظُلموا بها ظلماً كبيراً.
وعندما نادى الحسين في ذلك الفجر ، وهو متزنر بالشهادة: "الله أكبر.. المنية ولا الدنية.. يا خيل الله اركبي" ، كانت مدفعية جيشنا العربي تهدر من على جبال البلقاء الأبية: "الله أكبر.. لبيك يا حسين" ، وتدك جحافل المعتدين ، لترد كيدهم إلى نحرهم ، ورصاص الجند على الأرض يمزق صدر الغاصب المعتدي.
عندما التقى الجمعان ساعتها ، أدرك اليهود أنهم هذه المرة ، يخوضون حرباً حقيقية ، مع جند آمنوا بربهم خلف قيادة نذرت نفسها لأمتها ووطنها وشعب متعطش للنصر والثأر.
كان الأردنيون في ذلك اليوم ، يتمثلون قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدر ومن خلفه المسلمون: "يا رب.. إن تهزم هذه العصابة اليوم ، فلن تعبد في الأرض بعدها أبداً". وقد نادى الأردنيون ربهم الأعلى: "يا رب.. إن هزم الجيش اليوم فلن يقف اليهود إلا في خيبر" على أبواب عاصمة النبوة. وكأني بامير الجند في بدر ، حمزة بن عبدالمطلب الهاشمي ، ينادي من خلف القرون بفرسان الكرامة: "يا جند الأردن اثبت: فالنصر قادم". وأبي عبيدة ومعاذ وشرحبيل ، كأني بهم يتململون من تحت ثراهم الطهور تحرقاً لقتال اليهود ، وجبريل يخفق بجناحيه فوق رؤوس الجند ، وعلا غبار المعركة ، ولكن نداء "الله أكبر" كان أعلى ، وإرادة الله كانت أقوى. لقد كانت بدر حاضرة هنا ، على أرض الاردن في الكرامة ، في ذلك النهار ، وكأن صورتها تبعث من جديد ، وينقشع غبار المعركة بعد ساعات شديدة ثقيلة ، بلغت بها القلوب الحناجر ، وإذا بوجه النصر المشرق ، يطل على الدنيا وجيشنا العربي المصطفوي يغسل عار أمة بكاملها ، بقيادته الهاشمية وقد سطر أعظم الملاحم البطولية ، بدماء الجند وشرعية التاج.
وتستمر مسيرة النصر في ركاب جيشنا العربي ، فيسجل النصر تلو الآخر ، على كل الجبهات ، وعلى كل الأرض العربية ، ويتجاوز ذلك إلى بقاع الدنيا كلها ، حيث يحفظ السلام للخائفين ، ويؤمن المرعوبين ، فيحوز على سمعة حلقت في الخافقين ، وتؤول الراية إلى أبي الحسين.. عبدالله الثاني ، الملك المعزز: فيقبض عليها بحزم وعزم لا يلينان ، وتمضي المسيرة نحو العلا بخطى أسرع ، وبإيقاع تحدثت عنه الدنيا ، ويظل الجيش قرة عين القائد ، ليبقى سياج الوطن ودرعه القوي ، بقيادة صاحب النسب الأشرف ، سبط الأنبياء وارث الملوك العظام.
سلام على الكرامة ، سلام على الشهداء ، سلام على الأردن ، سلام على القائد
الدستور