مسارات: سياحة المشي والترحال في زمن الكورونا
عبدالرحيم العرجان
03-10-2020 11:50 AM
بعد أن خيمت جائحة الكورونا على العالم، وفرضت عليهم ما فرضت من تباعد وعزلة وتحديد المسافات وتقليص العلاقات وضغوطات نفسية ومالية وصحية للأسوياء والمصابين، وتركت عوالق لامست حال التوتر والاكتئاب، فلا بد من الحاجة لنوعٍ خاصٍ من الترفيه وترك العزلة ولكن بطريقة صحية سليمة بعلاج يخفف هذا الضغط الكبير بعد كل هذه الأمور المجتمعة، ألا وهو الطبيعة والرياضة.
المسير والترحال متنفس مهم في هذه الفترة الصعبة بتكاليف بسيطة " في ظل انخفاض الدخل" تُعادل كلفة البقاء بالمنزل تقريباً، فما عليك سوى الخروج بسيارتك ملتزماً بشروط السلامة العامة، واختيار أي مكانٍ مفتوح، يُمكّنك من السيران به؛ فالهواء والفضاء كله لك من جبالٍ وأودية وغابات وسواحل وبادية، حيث تتيح كثير من المواقع ومجموعات المشي اختيار مسار معرف عبر الانترنت تبعاً لنظام التموضع العالمي(GPS) أو ما اعتمدته بعناية واحتراف الجمعية الملكية لحماية الطبيعة ضمن محمياتها ودرب الأردن الذي اصبح مقصد للكثير من مختلف دول العالم الممتد من أم قيس حتى العقبة، فيمكنك الاستمتاع بالشكل العام المبسط وذلك بتجهيزات بسيطة من ملابس مريحة وقبعة وحذاء مناسب وحقيبة فيها ما يكفي من ماء وعصائر وبعض الفواكه، وهذا لا يغني عن وجود أدوات متقدمة للمحترفين ضمن قواعد وشروط وأسس واتحادات ومنظمات دولية معتمدةً مسارات محددة ومرشدين متميزين.
فهذه المساحة من الأفق وما فيها من خلوة تتركك لك ما يكفي من الوقت للتأمل وإعادة التفكير بإيجابية بالابتعاد عن ضوضاء المدينة والاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وما خلفت من ضغط بأخبارها في جميع المجالات، ناهيك عن أنها سوف تغير طريقة تفكيرك بالأرض والتاريخ وتعزز الانتماء وما احتوت من خبايا طبيعية وانسانية بالاستزادة بالبحث والمطالعة لتحليل أسرارها ومعرفة اسمائها، والتقرب من المجتمع المحلي بدعمهم ببعض المشتريات حتى لو كان رغيف خبز طابون بلدي، فهذا الرغيف ببساطته ولكنه يُعتبر من أركان العجلة الاقتصادية التي ساهمت بتحسينها برحلتك، والتي تتضمن استخدام شعلة المحروقات وما تحتويه حقيبتك وما قد تدفعه من رسوم رمزية لدخول المحميات أو المواقع الأثرية.
وكما نقول دوما "من يمشي على ترابه يحب بلاده"؛ فمسيرك سوف يجدد حيويتك ويرفع من مستوى مناعتك الصحية ويزيد من ثقافتك ومعرفتك بالمكان وتعلقك به، ويرشدك لجهات غابت عن البال أو أنها ليست من ضمن الوجهات المعلومة لديك والتي قد تزورها لأول مرة، وبذلك تكتسب خبرات جديدة لحياة مشبعة بالطاقة والنشاط والأمل، ودخول عالم هوايات جديدة من غير قصد كالتصوير والنشر الاجتماعي، فكلا منا في يده جوال يوفر فيه هذه الخدمات بتقنيات عالية وسرعة فائقة.
إن الوطن كنز زاخر بالجمال من أقصى شماله حتى جنوبه، فهو أرض الممالك وبداية التاريخ والإنسانية والعلم والكتابة، وموطن الأنبياء والرسل ومسالك التجارة عبر الزمان، فما من بلدة او قرية إلا وفيها من الآثار ما تكتشفه، وما لذ وطاب من ثمارٍ مزروعة ونباتات برية وطيورٍ استوطنت أو كانت عابرة بهجرتها الموسمية، وهنا يأتي دور وزارة السياحة والآثار ورديفتها هيئة تنشيط السياحة والمحميات والجمعيات ذات الاختصاص بدعم هذه السياحة وتعزيزها كمنتج سياحي "محلي" وما يتطلب من ترويج وتوعية إعلامية رسمية وخاصة، والتي يجب أن تضمن ترسيم مسارات وتوفيرها عبر تطبيقات الجوال، والتفريق بينها وبين رياضة المغامرة التي بحاجة لتنظيم وتدريب بالمستوى الذي قدمته المدرسة الوطنية الفرنسية لتسلق الجبال، نهاية العام الماضي لخمسين دليل من أبناء البلد، بالرغم من أننا نحتفل باليوم العالمي للسياحة هذا الأسبوع بظروف صعبة اثكلت كاهل القطاع.
فافتح عينيك لهذا الجمال وأطلق لقدميك العنان، فالعمر واحد والوطن للجميع.