وفقاً لأحكامِ المادة ( 12 ) الفقرة (أ) من قانونِ الانتخابِ لمجلسِ النواب، وتعديله رقم (6) لسنة 2016، أعلنت الهيئةُ المستقلةُ للانتخابات، موعدَ قبول طلباتِ الترشحِ للانتخابات، اليوم السبت 3/10/2020 وعليه سيقوم كلُّ مَن يرغبُ بخوض السباق بدفع الرسوم التي تبلغ قيمتها خمسماية دينار.
نعم، لقد بدأ السباقْ نحو المقعد النيابي، الذي يطمحْ كلُّ مرشحٍ أن يفوزَ بهِ والجلوسِ عليه، إنطلاقاً واعتماداً على قاعدتهِ الشعبيةِ من المؤيدينَ لهُ في منطقتهِ ودائرتهِ الانتخابية، والحقيقةُ أن كلَّ واحدٍ له هدفهُ الخاصُ بهِ في هذا السباق، فمنهم مَن يرغبُ بالجَاهِ والمكانةِ والمنصب، وآخرٌ غايتهُ خدمةَ أبناءَ منطقتهِ، وغيرُهُ يسعى وبكل جِديةٍ لخدمةِ الوطنَ والمواطنَ معاً مُبتعداً عن المآربِ والمصالحِ الذاتيةِ والشخصيةِ، والمساهمةِ الفعالةِ في التشريعِ للقوانينَ التي تُنظمً أمورَ وشؤونَ المؤسساتِ الوطنيةِ، وأيضاً أن يمارسَ دورَهُ الرقابي على أداء الحكومةِ بمصداقيةٍ وشفافيةٍ عاليتينِ بهدفِ تحقيقُ العدالةَ للمواطنينَ.
ومن خلالِ متابعتي للبرامجِ التلفزيونية، والجلساتِ التي تعقدها بعضُ الجهاتُ مع المواطنين، في العديدِ مِنَ المحافظاتِ والمدن، لاستطلاعِ آرائهم حولَ النائبِ الذين يرغبون بأن يُمثلهم في مجلسِ النوابِ التاسع عشر، وصفاتهِ والمطلوبُ منهُ بعد فوزِهِ ووصولهِ إلى المجلس، وجدتُ وكما يعلمُ الجميعُ بآن المواطنون يريدون نواباً حقيقيون، يعملون على إيصالِ صوتهم وآمالهم وطموحاتهم وهمومهم، إلى صانعي القرارَ لتوفيرِ الخدماتِ وفُرصِ العملِ لهم، والتقليلِ من نسبةِ البطالةِ والفقر، وهذه المطالبُ والرؤى هي حقٌّ مشروعٌ لهم، نَصَّ عليهِ وَكَفِلَهْ الدستورُ الآردني، وأيضا ما ينادي به جلالةُ الملكُ عبدالله الثاني حفظه الله ورعاهْ، ولاحظنا ذلك في كلِّ خطاباتهِ وكُتُبِ التكليفِ الساميةِ للحكوماتِ المتعاقبةِ، وفي الآوراقِ النقاشيةِ التي أطلقها جلالتهُ مُعَبِّرَةً عن رؤاهِ الاقنصاديةِ والسياسيةِ والثقافيةِ المستقبليةِ، من آجلِ خدمةِ المواطنينَ والنهوضِ بالوطنِ نحو الأفضل.
ولكن رغمَ كلَّ هذه النداءاتِ والمطالباتِ من المواطنين، ورغبتهم بوجودِ نواب يمثلونهم وبمواصفاتٍ عاليةِ الجودة، هل سيتوفرُ تحت القبةِ هذا النائبُ المثالي أو شبهُ المثالي، ليؤدي دورهُ المطلوبُ منهُ بأمانةٍ وبكفاءةٍٍ ومهارة، وكيف سنجدُ نائباً حقيقياً يعرفُ هو نفسُهُ أهميتَهُ وقيمتَهُ، والغايةَ من وجودهِ على المقعدِ النيابي، ولماذا مَنَحَهُ المواطنُ صوتَهُ؟
للإجابةِ على ذلك، باعتقادي أن الوحيدَ القادرُ على إيجادِ هذا النائبَ صاحبَ المواصفات الدقيقة، هو المواطن نفسُه، الذي سيختار، عند توجهه لصندوقِ الاقتراع، بامتلاكهِ الوعي الصادقَ والمعرفةَ الحقيقيةَ لمفهومِ النائب، ولأهميتهُ له وللوطن، فكلما كان نبيهاً وذكياً وحريصاً وصادقاً مع نفسِهِ، في تحديدِ المرشحِ الذي يريده، ومبتعداً عن الميلِ للنظرةِ العاطفيةِ والعشائرية، نحو ابن عمه آو صديقه، أو أيةِ حساباتٍ خاصةٍ أخرى، سيتمكن من صُنعِ شخصٍ قادرٍ على تمثيلهِ بشكلٍ سليم.
خلاصةُ القول، نحن المواطنون أصحابُ القرار، ونحن الذين نُسَحسِنُ أو نْسيءُ الاختيار، ونحن بإدراكنا لمعنى وقيمةَ وأهميةَ دورَ مجلس النواب، سنتمكنُ من خدمةِ وطننا والنهوضِ به، وخدمةِ أنفسَنا بأنفسِنا، من خلال فرزِ واختيارِ وصنعِ نواباً أكفياء يتمتعون بقدرات عظيمة ومميزة، ويمتلكون الإرادةَ الواعية، ويمارسون دورهم الحقيقي تحت قبةِ البرلمانِ للبناءِ والتطويرِ وابتحسينِ والرقابةِ والمحاسبةِ. ونحن القادرون على إدارةِ هذا السباق، وإيصالِ أنفسَنا وأصواتنا عبرَ النوابِ الذين سنحدِدهم بعقلانيةٍ ووعيٍ وإدراكٍ، لِما نحتاجُهُ نحن والوطنُ.
عاش الأردنُ وطنا وشعباً حُرَّاً أبِيَّا،وحفظَ الله القائدَ جلالة الملك عبدالله الثاني ووليَ عهده الأمينَ، والله وليُّ التوفيق.