مزمار الحاوي .. السير نحو الغرق!
م. باهر يعيش
03-10-2020 12:06 AM
الإنسان عاقل بطبيعته. بمعنى أنه (سبحانه وتعالى)؛ قد خلق له عقلاً ليستعمله، لا ليحفظه داخل صندوق في عظم جمجمته.. تحصيل حاصل وسدّ فراغ، وأمره المولى عزّ وجلّ: (ولا تلقي بأيديكم.. إلى التّهلكة!). بمعنى أن لا تحمل جسدك بين يديك وتذهب به إلى التهلكة الفناء المرض البلاء الاستسلام لعدو وتلقيه في بحره العاصف، في ناره، أتونه.. في الوباء. عندها يا من تغاضيت عن تعليمات ربّك والمنطق وطبيعة حُبّ الذات والحرص عليها والبعد عن الإضرار بها؛ ستصبح بلا جسد. فقط (يدين).. بلا جسد. تماماً كما يدي الأراجوز، يدخلها في الغرفة المظلمة لصندوقه.. «صندوق العجايب» تحرّك صوراً لعنترة ومعارك الجاهلية الأولى التي راح فيها مئات الآلاف.. لجهلهم. ستصبح أراجوزا بأيد فقط.، لا جسد لا عقل لا حياة.. له وفيه.
أنت يا(هذا)/(هذه) يا أخونا عمّنا يا.. قرابه!، ومعذرة لفقدان الاسم؛ فاليدان فقط لا تشكلا كسماً جسماً يستحقّ.. اسماً. أنت يا هذا..! ورغم كافة المحاذير، بل رغم ما رأيته ممن ألقوا بأيديهم إلى التهلكة بعد اكتشاف الوباء (كورونا) اللعين، والتحذير منه والحث على الوقاية منه بكمّامة بـ(عشرة) قروش، وأحياناً بـ الإعارة أو الاستئجار..!!؛ فإننا نلاحظ بأنك أنّكِ أنّكنّ أنّكم أيّها الجهابذة، كنتم وما زلتم؛ من ضمن كثيرين من سكان هذه الديرة الطيبة، الوطن الذي تعب الأجداد والآباء بل ونحن وغدا أطفالكم أطفالنا.. إذا سلموا بأذن اللّه، وطن تعبنا في إيصاله لوطن يغبطنا الكثير عليه؛ يتجهون بكيفهم نحو البلاء، نحو بحر الوباء بأيديهم وكأنهم منوّمون يغطسون في مائه، يسيرون ويسيرون حتّى تصل المياه أعناقهم، يستهينون بصراخ وتحذيرات العقلاء بالإستيقاظ وحماية حيواتهم ويستمرون حتى تختفي..آثارهم.
تماماً كما في قصة عازف المزمار والمدينة المنكوبة. مزمار عزف عليه حاو كان قد خلّص المدينة من شرور وباء، وأنكر أهلها مكافأة وعدوه بها، فتبعه أطفال المدينة ليختفوا في بطن الجبل أو في قاع البحر؛ عقاباً لمن غدروا به. الفارق هنا هو استبدال من تبعوه تخدّروا بصوت مزماره بالكبار.. كبار القوم. تبعوه طوعاً وهم يقظى! رغماً عن تحذير العقلاء منهم، اللهمّ عافنا. هم.. الكبار نعم، الكبار!!. اللّهم عافنا. نعي أن كلامنا قاسٍ والله!؛ لكن علينا أن نقرع الناقوس بل آلاف النواقيس تحذيراً بعد أن لم يُجدِ قرع آلاف الأجراس في تنبيه أولي الألباب إلى عدم انسياقهم خلف أيديهم أرجلهم بل (أنوفهم)خلف مزمار حاوي هذا الوباء..
لا نعرف تفسيراً لانغماس المئات وقد اصبحوا يُعدون بالآلاف في إهمال الدفاع عن حيواتهم وحيوات أبنائهم من خلال (الوقاية) من الوباء بكمامات.. بقروش، بقفازات.. بفلوس، وبالمحافظة على نظافة اليدين بغسلها بالماء والصابون؟!. هل هو التوهان، الإهمال العنجهية، تحدّي المختصّين، تسجيلًا لمواقف، مناكفة للوطن، لمسؤول اجتهد فأصاب وأخطأ, أم تسجيلًا لمواقف معارضة لغيره ممّن يلتزمون، أو المعارضة لإثبات وجود... هكذا!!. أم هو انتحار جماعي لفئة لا تعبأ بذاتها، أم هو (المزمار). لعن الله ذلك المزمار. استيقظوا يرحمكم الله!. حمانا الله من كل شر.
(الرأي)