في ظل تردي الاوضاع الاقتصادية للمملكة وتنامي عجز الموازنة مصحوبا بمديونية ثقيلة تجاوزت ال¯ 9.5 مليار دينار او ما نسبته 60.8 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي وانخفاض اسعار الاسهم اكثر من 30 بالمئة خلال عام, نسّب وزير التربية والتعليم لرئيس الوزراء للسماح باستثمار اموال صندوق الضمان الاجتماعي للعاملين في التربية .

الصندوق الذي يقدم خدمات لمشتركيه البالغ عددهم 104 آلاف مشترك منذ عام 1978 يتمتع بميزة الزامية العضوية, وايراداته تعتمد على الاشتراكات والتي تبلغ 6 بالمئة من الراتب الاجمالي لمشتركيه اضافة الى التبرعات والهبات الاخرى, وقد تم صرف ما مقداره 189 مليون دينار لاكثر من 77.472 الف مستفيد حسب النظام المعمول به اضافة الى صرف سلف لغايات التعليم والسكن للموظفين من ايرادات الصندوق بما يقارب ال¯ 17 مليون دينار .

الصندوق في الوقت الراهن يعمل على تقديم تعويضات نهاية الخدمة للعاملين في التربية اضافة الى منح القروض بشروط ميسرة لمشتركيه, وهو امر ساهم بشكل كبير في تأمين العاملين في التربية ببعض الامتيازات المحدودة التي لا تتواجد في القطاعات الاخرى وتعويض المعلمين عن تدني الرواتب الذي لا يليق بمهنة المعلم ابدا.

اليوم يطلب وزير التربية من الحكومة السماح باستثمار اموال الصندوق والاستئناس بخبرة الضمان الاجتماعي في ادارة استثمارته على اعتبار ان الضمان خير مثال ليحذو حذوه من يريد الاستثمار, متناسين ان محفظة الضمان الاجتماعي من اكثر المحافظ المالية الخاسرة في البورصة وانها تجاوزت الخسارة في سهمين فقط ما مقداره 240 مليون دينار علما ان الضمان تتمتع بكفاءات استثمارية وعقول ادارية عالية المستوى والكفاءة, لكن الاستثمار يحتاج الى عقلية وادارة للمخاطر تمكنها من تجاوز الازمات المالية وقدرة على التحرك .

نعم المطلوب تنمية اموال صندوق العاملين في التربية, لكن هل الاولوية اليوم في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة اللجوء لاستثمار مدخرات العاملين أم العمل على تحسين احوالهم وتعزيز استقرارهم?

هل باستطاعة الحكومة ان تتحمل أية خسائر في استثمار مدخرات العاملين في التربية اذا ما حدثت وهي مرشحة لذلك كغيرها من الاستثمارات والتي لم يسلم الا القليل منها?

الاولويات للمعلمين في الوقت الراهن تتطلب العمل بكل جهد لرفع كفاءة المعلم وزيادة دخله ودعمه حكوميا وتوفير حزمة امتيازات وحوافز له مثل باقي القطاعات تعزز أمنه المعيشي وتعمل على رفد استقلاله بما يعيد الهيبة للمعلم الذي يعاني في الايام الراهنة من ظروف صعبة للغاية .

لو كانت الدولة بإدارتها تمتلك مقومات النجاح الاستثماري لشاهدنا ذلك في كيفية استخدام عوائد التخاصية التي بدلا من ان تكون صندوقا استثماريا للاجيال تبخرت وذهبت لسداد جزء بسيط من ديون نادي باريس, وهذه المديونية يعود شبحها من جديد ليلقي بظلاله القاتمة على الاقتصاد, في الوقت الذي لم يعد للدولة أية ادوات استثمارية لا محلية ولا خارجية. اتمنى من الحكومة ان تحتاط على الصناديق الادخارية للعاملين لديها, فلا يعقل بعد كل عمليات الخصخصة وتراجع الايرادات والازمات التي تحيط بالاقتصاد وهبوط المساعدات ان تلجأ الحكومة الى مدخرات مواطنيها. لا ادري اي طريق تريد الحكومة ان تسلكه بهذا الرأي?.0

salamah.darawi@gmail.com
العرب اليوم