إن واقع السينما الأردنية يفرض علينا سؤالا ملحا وهو كيف يمكن صناعة سينما محلية متميزة؟ فما نراه من حقيقة الواقع التي تعيشها صناعة الأفلام في الأردن، ربما لم يرتق الى المستوى الذي يتمناه المهتمون بأمور السينما وإنتاج الافلام، يحتاج الإنسان الأردني الكثير من تلك الصناعة التي رفدت ميزانية دول كثيرة، فواقعها لا يدفع باتجاه تطوير وتنمية ذلك المجال المهم، الذي إن أحسن استخدامه يصبح موردا اقتصاديا مهما ومؤثرا في نفس الوقت على عموم الجمهور ويخلق أجواء تغييرية مطلوبة.
إننا بحاجة إلى سينما ترتقي بالذوق العام، وترسخ القيم والمبادئ المجتمعية الأصيلة، فالتباطؤ الذي يعتري صناعة السينما المحلية ظل لفترة طويلة السمة الغالبة على ذلك النوع من الفن. لإنتاج فيلم يعني دخول مغامرة لا تعرف نتائجها، فالسينما بمعناها الواسع تحتاج إلى دعم مادي ومعنوي متوازيين، وخلق وعي جمعي بأهمية تلك الصناعة لما لها من تأثير قوي على المجتمعات وأفرادها. لقد سمعنا عن الأفلام التي تحصد ملايين الدولارات والتي استندت إلى طاقات هائلة من دعم وتمويل عال جدا، في حين لاقت افلام كثيرة نجاحا كبيرا بالرغم من التكلفة المتواضعة، فهناك على سبيل المثال الفيلم الروائي الاردني القصير «سلام» لزين الدربعي والفيلم الوثائقي الطويل “أرواح صغيرة” لدينا ناصر، حصد جوائز مميزة واعجابا من قبل المشاهدين، إلى جانب افلام صورت على الهواتف النقالة، وعرضت في مهرجانات عالمية وحصدت ايرادات جيدة في شباك العرض السينمائي.
تستطيع السينما الأردنية أن تقدم أفلاما مميزة، تؤسس لقاعدة واسعة من الجمهور المتذوق لهذا النوع من الفن، فإنتاج فيلم ينافس في مهرجانات دولية وإقليمية وعالمية ليس بالأمر الصعب، بقدر وجود نص متماسك يعكس الواقع بجميع تناقضاته والاستفادة من المواهب والخبرات الوطنية في هذا المجال. فالنجاح لأي عمل سينمائي يعتمد في جوهره على القصة التي يرويها الفيلم بصدقية وموضوعية، وتراعي بالدرجة الأولى القيم والمبادئ التي تربى عليها أفراد المجتمع، فالانحلال وتقليد الآخر لن يعطي نتائج مرضية في أي عمل مهما كانت الطاقات التي رصدت له.
لا يمكن تجاهل وجود أفلام أردنية مميزة وناجحة كـ”ضحكة الموناليزا” “والجمعة الأخيرة” «ومدن ترانزيت». ولا نبتعد عندما نعرف أن فيلم “روكي” الأميركي حقق نجاحا ساحقا وبإيرادات تجاوزت 224 مليون دولار، بالرغم من أن ميزانية تصويره لم تتجاوز المليون دولار في العرف السينمائي آنذاك ميزانية أقل من القليل، والكثير من الأفلام نجحت لاعتمادها على النص الجيد أكثر من الإنفاق المالي الكبير.
الغد