تجاذبات المشهد الأردني قبل توسد الحق الدستوري
فيصل تايه
01-10-2020 10:45 AM
نترقب خلال الساعات القادمة اسم الشخصية التي سيكلفها جلالة الملك لتحمل مسؤولية الولاية العامة في ادارة شؤون الدولة للحقبة القادمة ، وللبدء بتشكيل حكومة انتقالية امامها ارث ثقيل، وتحديات جسيمة، وهي مرحلة حساسة تحتاج من الحنكة والخبرة والممارسة الشيء اليسير، مما يجعل المهمة ليست سهلة على الإطلاق، في ظل تفشي واسع لوباء لا يرحم، اضافة الى التجاذبات الاقليمية والدولية التي تتربص لتمرير مخططات تغيير خريطة المنطقة، لذلك فان طبيعة المرحلة تضعنا أمام مسؤولياتنا الوطنية بالسعي لتقديم كافة متطلبات نجاح العملية الانتخابية باستخدام كافة الوسائل المتاحة، بدءاً بحملات التوعية والتثقيف والإرشاد الانتخابي ووصولاً إلى عقل ووجدان المواطنين ، مع ضرورة تحفيز الجميع وخصوصا الشباب للمشاركة في العملية السياسية ، لذلك فإن إجراء العملية الانتخابية تتطلب معالجة بعض القضايا الاجرائية الفنية في ظل اشتراطات صحية فرضت بامر الجائحة ، ما يتطلب توحيد بعص العمليات الفنية للانتخابات ، والتي سبق لـ"الهيئة المستقلة للانتخاب" رفعها إلى الحكومة .
إن المتابع للتطورات فيما يميز المشهد الأردني خاصة مع الحكومة المرتقبة يراها ان الامور غاية في التعقيد ، كونها ستشهد تجاذبات مرتقبة على صعيد الشارع الأردني ، وصولاً إلى تدبير الشأن العام ، في تفاعلات حتمية تتطلبها طبيعة المرحلة ، على أمل النهوض بالوضع العام بحس من المسؤولية ، وبنظرة شمولية واعدة ، وبطابع يكتنفه المزيد من البذل والعطاء في التعاطي مع القرارات التي تتطلب الإرادة القوية والجرأة والمقدرة على التفاعل مع جميع أركان مجتمعنا الأردني المتعطش لمزيد من روح العمل المسؤول ، لوضع الحلول الجذرية للكثير من القضايا والهموم التي تعترض مسيرة الوطن ، وبطبيعة الحال حول الوصول إلى الحلول الممكنة التي تخص مصالح المواطنين..
ان ما هو جوهري في هذه التجاذبات الحاصلة هو ضرورة انقاذ الوضعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وبشكل مغاير لما حملته الحقبة الزمنية الماضية بكل ما واجهته من تحديات وتراكمات ، تلبية للطموح وولوجاً إلى حياة آمنة فضلى ، متمنين أن يوحي المشهد القادم بالايجابية ، حيث نحتاج الى تعبئة مجمل طاقات الدولة والمجتمع لمكافحة الوباء وتخفيض أضراره ، واستقطاب ثقة الرأى العام بالشفافية والمعلومات الحقيقية لا بإعلام الصوت الواحد ، اضافة لتصحيح السياسات والأولويات ، والاستفادة من كل الكفاءات المعطلة حتى يحتفظ البلد بقدرته على التحدى والصمود والخروج بعد الأزمة أكثر ثقة بنفسه ومستقبله وخاصة الأزمة المالية و الاقتصادية ومواجهة الإسقاطات المدمرة لجائحة كورونا .
أنَّ الدولة الاردنية بحاجة لإعادة رسم وبلورة نمط مشروع اقتصادي و سياسي واجتماعي انقاذي ، يستجيب لتطلعات المواطنين وينقذ البلد من أزماته ، فنحن بحاجة ان نبن اقتصادًا وطنيًا منتجًا ، فإذا أرادت الحكومة الجديدة أن تنجح في مسعاها لإنقاذنا من تبعات المرحلة الماضية فعليها أن تفكر جديًا في فتح حوار وطني جاد من أجل بلورة اهداف تنمية جديدة ، والتعهد بالقول والعمل من أجل محاربة الفساد ،إذ يُعَدُّ ملف محاربة الفساد ملفاً مفصلياً في نجاح أي حكومة. فالمراقب للوضع السياسي يلمس بوضوح أنَّ الحكومات المتعاقبة ، لم تبلورخطة حقيقية لمقاومة الفساد ، وإقرارالحوكمة الرشيدة ، بل إنَّ جميعها لم تقوى على فتح الكثير من ملفات الفساد ، ولم تطرح في برامجها السياسية مسألة محاربة الفساد كمسألة محورية ، وإن كانت تدرج هذا الملف ضمنيا .
ان برنامج الحكومة القادم يجب ان يقترنٌ بقدرتها على اعادة المودة مع كافة شرائح المجتمع الاردني ، وبلورة برنامج حكومي يعيد بناء جسور الثقة ويدعم الناس في ارزاقها ومصالحها وثرواتها إنتاجاً وتوزيعًا ، فطبيعة المرحلة القادمة تتطلب اعتماد مبادئ واضحة وخطاب يتماشى والتطورات التي يشهدها الواقع في مختلف جوانبه. ، بعيدا عن الركود أو العجز ، كذلك يجب أن تتجلى وتتوسد أفكار الحكومة على تدبير الشأن الصحي والجوانب المتعلقة بالرعاية الصحية المقترنة بسياسات صحية تتوائم مع الواقع الحالي صمن خطط فاعلة تعيد الثقة بالاجهزة الصحية ، اضافة الى تخسبن المستوى المعيشي للمواطنين ، فالمواطن الأردني لا يهمه سوى الأعمال بخواتيمها الفعلية والتي تعود علية وعلى عائلته بالنفع كي يرقى إلى مستوى معقول من الحياة الكريمة ، فاي حكومة ستاتي يجب ان يتركز عملها على رفع مستوى معيشة الإنسان الأردني الذي ارهقته تبعات جائحة كورونا ، واتباع سياسة التقرب فيما بيننا والإنصات للجميع وإشراك الجميع ، ضمن سياسة تكافؤ الفرص في ولوج كل المجالات ، وجعل المواطن الأردني يحس بأنه فاعل حقيقي ومشارك ضروري ، كل حسب مؤهلاته ، في اختيار توجه سياسة الأردن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا معززين ومجندين وراء قيادة جلالة الملك أدامه الله رمز لكل الأردنيين.
وفقنا الله جميعا لما فيه خير أردننا و تقدمه وازدهاره .