[ هانز بليكس الرئيس الأسبق لفرق التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق ، الذي كان منتدباً من الأمم المتحدة بموافقة التحالف الأميركي الأوروبي ، والذي يعمل حالياً مستشاراً في أحد المراكز التي تُعنى بدراسات التسلح النووي في السويد ، قد عاد إلى الأضواء من جديد بعد صمت طويل كان مفروضاً عليه بأمر من السيد الأميركي ، إثر اعترافاته بعد استقالته والأدق إقالته من منصبه الدولي قبل أن تسقط بغداد ، بدحض المزاعم الأميركية وكشف خيوط اللعبة الأميركية البريطانية ومن خلفهما مجلس الأمن ، بأن التقرير الذي قدمه إلى الأمم المتحدة يفيد بالقطع بخلو العراق من أسلحة الدمار الشامل ، حين صرح الأربعاء الماضي (6/6) وفي محاولة تبدو متهافتة سياسياً للتوبة عن التوبة !، بأن خطر التسلح النووي المحدق في منطقة الشرق الأوسط بعامة وعلى الجزيرة والخليج بخاصة ، لن يكون إسرائيلياً بل سيكون إيرانياً في تقدمها المتسارع في عملية التخصيب بالتعاون مع روسيا ، مع أن إسرائيل – والحديث لبليكس – تمتلك (200) رأساً نووياً والتخصيب يتقدم أسطورياً في مفاعل ديمونا ، وينصح بعقلنة سباق التسلح في المنطقة (!) وعلى النحو التالي : وقف المشروع الإيراني ومنعها من حق امتلاك هذا السلاح ، بالحيلولة دون تعاونها مع الدب الروسي القديم (!) وبأن تتخلى دول السعودية والخليج ومصر والأردن والمغرب وسوريا (طبعاً !)عن أضغاث هذا المحلوم به لأغراض سلمية ، أما إسرائيل – والحديث ما زال لبليكس – فلا يمكن لها أن تتخلى عن هذا العدد الرهيب من رؤوس ترسانتها النووية (!) وكل ما نرجوه منها – يضيف بليكس – أن لا تمضي قدماً في نشاطها المكثف في مفاعل ديمونا للتخصيب النووي !
نسوق ذلك كي نطرح سؤال المواطن العربي العجيب والمسكوت عنه في آن ، ونعني مصير أو مستقبل الأمن العربي بين خطرين نوويين : الإسرائيلي القائم والإيراني القادم ، ذلك أن الإعلام الصهيوأميركي ومن وراءه إعلام أوروبا القديمة والجديدة – بعد إذ بدأت تتحدث بلغة تتبع العم سام ، قد جعلت المواطن العربي وببراعة غير مسبوقة يمايز في أمنه المستقبلي بين هذين العدوين ، وإلا بماذا نفسر هذه الهجمة الشرسة والمنظمة على إيران ؟، ونحن هنا لا ندافع عنها لكن نسمي الأشياء بأسمائها ، كأن نطرح مثلاً حقيقة أنها الجار الصديق جغرافياً ومصلحياً لدى البعض ، والأخ الصديق إسلامياً لدى البعض الآخر وذا الدليل في التاريخ المشترك ، والتي قد تكون مبررة لكن لأسباب (أخرى)تتقاطع بالضرورة مع الأسباب الصهيو أميركية ، فأي مصلحة لنا ولأمننا القومي حاضره ومستقبله ، في أن نغض الطرف عن العدو الصهيوني التاريخي ؟، من منطلق أن صراعنا معه معنون بأنه صراع وجود لا صراع حدود ، يُمعن ببشرنا و حجرنا وشجرنا ذبحاً وتقتيلاً منذ الماضي مروراً بالحاضر نحو المستقبل ، تماماً مثلما نغض الطرف عن سلسلة متواصلة في خطاب حسن النوايا (جولتا نجاد في الخليج نموذجاً) ، وهو خطاب مجاهر به يعرضه صباحَ مساءَ (عدونا الإيراني !) ، فهل مثال الصراع بين السنة والشيعة في العراق – ويبقى داخلياً مع أن ناره هي صهيوأميركية ، يجب أن ينسحب على مثال مستقبلي لحرب بين شيعة إيران وإخوتهم سنة العرب ؟، وهي حرب قد تدور رحاها فقط في رؤوس بعض العرب الواهمين ، لكن رحاها تدور بالفعل في مطابخ الأعداء الحقيقيين للأمتين في تل أبيب وواشنطن ولندن والبقية تأتي !
أسوق هذه الخلاصة .. ختاماً ، بعد إذ فرغت من قراءة مقترح مقدم لمشيخة الأزهر الشريف ، حول التقارب الحقيقي بين السنة العرب والشيعة الإيرانيين والعرب هنا أيضاً ، عبر أقرب فرق الشيعة لأهل الجماعة وهي مذهب الإثنا عشرية الجعفرية ، كي يقول الأزهر كلمته الفيصل في اعتماد هذا المذهب وتبنيه أيضاً ، بأن يكون محضنه الأم ونقطة انطلاقه كمرجعية رئيسة نحو شيعة الوطن العربي ، ووفق صاحب المقترح أن تصبح مرجعية الشيعة العرب في الأزهر أي أن تكون عربية لا إيرانية ، ذلك أن الشيعة العرب بمن فيهم شيعة العتبات المقدسة في كربلاء والكوفة والنجف الشريف ، يأتمرون بأمر المرجع الشيعي في إيران بمعنى أن الأوامر والنواهي تؤخذ من هناك ، بعكس السنة الذين يعتبرون مرجعيتهم القرآن الكريم والسنة المشرفة ، وبكلمة أخيراً نسأل هل نحكم على الباطن في علاقاتنا المستقبلية مع إيران ؟، أم على الحاضر الذي ينزف دماً غالياً على الأرض الفلسطينية بأيدي أعدائنا التاريخيين الصهاينة ؟، فإذا كانت الحيرة والحديث شائك وطويل على هذا النحو المغبون أو الحرون ، فما على واحدنا في المحيط الهادر إلا أن يقول لواحدنا في الخليج الثائر : أخي العربي .. اختر عدوك !!!]
Abudalhoum_m@yahoo.com