تقرير مركز الدراسات الاستراتيجية (1)
د. محمود عبابنة
30-09-2020 11:47 AM
جهتان تصدران تقارير مؤيدة بمؤشرات إحصائية حازتا بقدر معقول على ثقة الناس، الأول وهو المركز الوطني لحقوق الإنسان الأردني، الذي دأب منذ سنوات على إصدار تقريره السنوي عن حالة حقوق الإنسان في الأردن، والذي كان يصور بشفافية عالية أوضاع حقوق الإنسان في الأردن، والثاني هو مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية، الذي غالباً ما تصدر مؤشراته خالية من مساحيق التجميل. هذه التقارير إضافة نوعية لمفهوم دولة القانون والمؤسسات ولهامش الحرية وصدق المعلومة، وتفعيل لما ينادي به جلالة الملك وبالذات في الورقة النقاشية السادسة.
بهذا المقال سنتطرق الى مؤشر استطلاع الرأي الذي صدر عن مركز الدراسات الإستراتيجية والمنشور بتاريخ 27/9/2020 ، وحاز على مصداقية وقبول من قِبل الرأي العام، رغم المؤشرات الصادمة ومن ذلك ان 20% من الأردنيين يعتقدون بأن وباء الكورونا هو مؤامرة، وهذا سنفرد له معالجة خاصة، أما ما يهمنا بهذا المقال ان 74% من العينة يرون بأن الامور في آخر أيام حكومة الرزاز تسير في الاتجاه السلبي، وعودةً الى تأريخ تقارير مركز الدراسات الاستراتيجية الذي يتكرر لدى تشكيل اي حكومة جديدة تكون نسب الرضا والتفاؤل عالية، ثم ما تلبث أن تتناقص حتى تأتي النتائج الأخيرة متدنية في أواخر عمر الوزارات، وهذا يشير الى ان الغرفة التي تعيش بها الوزارات محدودة المساحة ومحدودة السقف ولا تملك هذه الحكومات إلا تغيير الأثاث وطلاء الجدران من جديد بألوان مختلفة، ولكنهم لا يستطيعون ان يضيفوا غرفة، ولا ان يزرعوا حديقة، ولهم أن يختاروا من الشعارات ما يشاؤون، ثم ينتهي عمر الوزارة دون تحقيق أيٍ من شعاراتها.
وما زلنا نذكر قصة خطة النهضة وإعادة صياغة العقد الاجتماعي الجديد والحكومة الإلكترونية والإصلاح الإداري الشامل وخطة مكافحة وباء الكورونا، وها نحن نشهد إما تخلياً عن هذه الشعارات او نجاحاً محدوداً في بعضها أو فشلاً ذريعاً في بعضها الآخر.
يكفي ان نشير الى الإصلاح الإداري الذي لم يتحقق فقط ، بل إن الإدارة إزدادت سوءً وتدهوراً وتكاد أن تتحول الى إحدى مطالب حقوق الإنسان الأساسية، ومن يزور دائرة لإنجاز معاملة ويقول غير ذلك فهو كمن يحاول أن يغطي الشمس بغربال مهترئ، أما شعار الحكومة الالكترونية الذي يكرره بعض الوزراء، فإن ما يدحضه جواب الموظفين المتكرر (السيستم معطل ، ارجع بكرا...)، أما خطة مواجهة الكورونا فرغم التصفيق الذي نالته الحكومة في بداية أزمة الكورونا، فإن الأمور بخواتيمها وبالتقييم النهائي لخطة المواجهة، وها نحن في أواخر أيام الحكومة التي تكللت باكتمال التفشي المجتمعي للوباء، وتسليم الحكومة بعدم السيطرة وفلتان الزمام، وكذلك ما رافق هذه المرحلة من تخبط في القرارات وتبدلها خلال فترة وجيزة، فقد أجهزنا على الاقتصاد وظلمنا القطاع الخاص بالإغلاقات الطويلة، وأغلقنا المطار عندما كانت الإصابات بالعشرات، وعدنا وفتحنا عندما أصبحت الإصابات بالمئات وتبين أن الفايروس لن ينشف ويموت كما هو حال بركة البيبسي التي لم تنشف وتختفِ، ومَثل ذلك ما حصل في التعليم، فيوماً نقرر التعليم عن بُعد، ويوماً آخر لا ننسى التعليم المباشر، ليستقر الوضع أخيراً بتعليم الهايبرد، الذي قد يكون أحسن الخيارات.
لكن المسألة المُلفتة أن القرارات المتناقضة والمتضاربة للحكومة والمشاريع التي لم تتحقق هي التي أطّرت المشهد وأدت الى وصولنا الى مؤشرات صادمة لحكومة استبشر الناس خيراً بها وبرئيسها البريء النقيّ ولما كان يؤمن به في بداية مشواره الوظيفي.