كورونا تهز النظام العالمي
ناجح الصوالحة
30-09-2020 08:34 AM
لم يكتمل العام وقد استبدت بنا كورونا وأصابت الكون بأكمله بتغيرات ملموسة، وتأثيرات جلية على مسيرة الإنسان وعلاقته بالأرض، تبدلت قناعات، واهتزت مسلمات، واحتار الخبراء في المجال الصحي والاقتصادي والسياسي، من شر هذا الوباء، الكل يتحسس رأسه ليدرك ويستوعب ما يجري، العالم الأول والمتحضر والقوي ومن يمتلك وسائل الرفاهية والأنظمة المتطورة في المجال الصحي عجزت عن الوقوف إلى جانب إنسانها الذي يرزخ تحت وطأة جنون هذا الوباء.
التعمق في السياسات العالمية في التعامل مع هذا الوباء يصل إلى جوهر يتقبله البعض ويعارضه الآخر, هذا الوباء استطاع ان يكشف هشاشة النظام العالمي ومؤسساته التي تربعت على عرش الإنسانية، ودورها في الوصول بابن هذه الارض الى مستوى الرضا والقبول والبعد عن معيقات تقدمه وبذل الطاقات، ورسم السياسات لبلوغ مستوى عالمي من العدالة والمساواة والشفافية في التعاطي مع التطور، ووضع هذه السياسات في خدمة الإنسان أينما كان، الملاحظ أن مؤسسات المال العالمي تنذر بانهيار شامل للاقتصاد العالمي، بيوت المال العالمية فرصتها الآن في تقديم القروض للدول المحتاجة للصمود أمام هذه الجائحة، وتقبل بأي عرض لتيسير أمور أوطانها، وبعدها تتوالى الضربات، والقبول بكل ما تطلبه هذه المؤسسات العالمية المالية والوقوع تحت رحمة الدول الكبرى، ما يجعل سيادة هذه الدول في خطر محدق
نلمس جدياً عجز النظام الصحي العالمي عن مقاومة سطوة هذا الوباء، وكأن الفرد يسأل عن جاهزية الأنظمة الصحية في الدول التي يتفشى بها، وهذا العجز الواضح في قدرتها على إنقاذ أرواح الناس التي تموت جراء هذا الوباء، والعدد الكبير للإصابات وخاصة في ظل ظروف عصيبة, هذا الوباء ينهش بالجسم الإنساني بشكل يربك مسيرته على هذه الأرض، هذه الأعداد من الوفيات والاصابات سبيل خفي يؤشر لإعادة تمركز القوي واختفاء الضعيف، نأتي على الانظمة الصحية وتأمينات تلك الأنظمة وحاجتها الى تقليل العنصر البشري، وإعادة رسم سياسات صحية تتلاءم والقدرات المالية في تلك الدول، الوباء قدرته فائقة وتجاوزت التوقعات في اختلال جميع الأنظمة المعمول بها في العالم, هي إعادة تفعيل سياسات تنادي منذ زمن أن يكون هذا الكون ملكا للأقوى، وأن تذهب الدول الفقيرة الى الجحيم، وأن العنصر البشري المسيطر هو من يمتلك القدرات على التكيف مع واقع جديد ويفرض نفسه بعد القضاء على هذا الوباء.
العالم الآخر لابد أن يعي ما يرسم له ومرامي السياسات الجديدة لإدارة هذا العالم من خلال إعادة رسم السياسات المحلية وفق قدراتها للتغلب على متطلبات المرحلة القادمة التي بدأ يلمس البعض خطواتها، الأردن بدأ بهذه الخطوات التي لمسنا بأنها تلبي الطموح الوطني من خلال المطالبات الملكية المتكررة في العودة إلى الزراعة المحلية وصياغة أنظمة اقتصادية جديدة تستند على قدراتنا المحلية لأن القادم غير مطمئن.
الرأي