أفكار لإعادة كبح جماح الوباء
د.سعد الخرابشة
30-09-2020 02:35 AM
في ضوء سياسة الإنفتاح شبه الكامل في جميع مناحي الحياة وإنتهاج نظرية أو استراتيجية ما يسمى بالتعايش والتأقلم مع الوباء سواء في الأردن أو باقي دول العالم وأن العودة إلى الإغلاقات والحظر الشامل لم تعد خيارا مطروحا لأسباب أصبحت معروفة للجميع.
بناء عليه فإنني أرى أن جهود التصدي للوباء والحد من تفاقمه أصبحت ملقاة بشكل شبه كامل ورئيسي على عاتق النظام الصحي والمجتمع.
والحال هكذا فمطلوب من الأجهزة الصحية المعنية أمرين أساسيين، أولهما الإستجابة السريعة فيما يتعلق بإظهار نتائج الفحوصات المخبرية للمشتبه بإصابتهم بمدة لا تتجاوز 24 ساعة في أقصاها والوصول إلى الشخص الذي تثبت إصابته بنفس اليوم ليتم عزله لمنع نشر العدوى وعدم تركه طليقا لعدة أيام حيث سمعنا وما زلنا نسمع عن نتائج فحوصات عديدة يستغرق زمن ظهورها عدة أيام وحتى عندما تظهر النتائج الإيجابية فهنالك تأخير آخر ربما لأكثر من يوم حتى تتمكن فرق التقصي من الوصول للشخص المصاب وعزله عن بقية المخالطين، وخلال هذه الفترة يبقى الشخص المصاب في الغالب طليقا يوزع العدوى للآخرين وأعتقد أن هذا السبب وحده قد أسهم بدور كبير في التفشي المجتمعي الذي نشهده حاليا.
يضاف إلى ذلك الصعوبة التي يواجهها المواطن الذي يشك بإصابته أو الذي يتلقى تنبيها عبر تطبيق أمان في عملية التواصل مع المسؤولين عن ملف كورونا في وزارة الصحة لتوجيهه بشكل سريع لإجراء الفحص المخبري اللازم وتقديم الإرشاد والمشورة اللازمة له. إن هذه الإستجابة السريعة من قبل وزارة الصحة لن تتحقق إلا من خلال توفير شبكة فعالة من المختبرات الحكومية في جميع محافظات المملكة بحيث تتمكن من إظهار نتائج الفحوصات المخبرية خلال مدة وجيزة جدا لتمكين فرق التقصي من عزل المصابين عن غيرهم بالسرعة القصوى.
وثانيهما وجوب العمل السريع على استكمال جاهزية جميع مستشفيات القطاع العام في جميع المحافظات لتمكينها من استقبال حالات الإصابة التي تستدعي الدخول للمستشفى من خلال تخصيص بعض الأجنحة فيها لعزل المرضى ومعالجتهم. ولا بأس من الإستعانة بمستشفيات ومختبرات القطاع الخاص عندما تستدعي الضرورة وضمن شروط وتعليمات تضعها وزارة الصحة وتشرف على تنفيذها وتشمل وضع تسعيرة معقولة ومراقبة لمن يرغب من المواطنين بتلقي الخدمة في القطاع الخاص بعد أن نكون قد وفرنا له خيار تلقيها في القطاع العام. وفي كل الأحوال يجب حماية الفقراء ومحدودي الدخل الذين لا تتمكن مؤسسات القطاع العام الصحية من استيعابهم من خلال تأمين توفير الخدمة اللازمة لهم في مؤسسات القطاع الخاص وعلى نفقة الدولة كون مسؤولية مكافحة الأوبئة حسب القوانين والأنظمة تقع على عاتق الحكومة بالدرجة الأولى.
لا يفوتني في هذه المقالة إلا أن أفخر بقواتنا المسلحة ومديرية الخدمات الطبية الملكية بشكل خاص على الجهود الجبارة التي بذلوها منذ بداية الوباء في دعم وزارة الصحة وآخرها ما سمعناه هذا اليوم من تجهيز مستشفى ميداني بسعة ألفي سرير لعزل الحالات المرضية الخفيفة أو التي لا تعاني من أعراض في منطقة البحر الميت.
واما ما يترتب على المجتمع فيتمثل باختصار شديد بالتزامه بالتقيد المستمر بالإجراءات الوقائية من خلال التباعد الجسدي وتجنب الدخول بازدحامات بشرية بشتى أنواعها وإرتداء الكمامة أثناء التواجد في الأماكن العامة والحفاظ على غسل اليدين المتكرر بالماء والصابون واستخدام المطهرات عند اللزوم وإبلاغ الجهات الصحية عند الشك بالتعرض للعدوى والتوقف عن التشكيك بخطورة المرض والإنصياع للشائعات.
أكاد أجزم أننا لو استطعنا توفير ما ذكر أعلاه فإن إمكانية إعادة كبح جماح الوباء ستكون ممكنة جدا حتى بدون إغلاقات أو حظر.