من يكبر الصغار يألم ومن يصغر الكبار يندم
شحاده أبو بقر
29-09-2020 01:06 AM
تجارب الحياة أعظم مدرسة لإستخلاص الحكم "جمع حكمة"، ومن بين دروسها غير القابلة للنقض، أن الرجال نوعان نوع كبير خلق وتربى كبيرا في ذاته وسلوكه مهما صغر سنه أو كبر همه الأول ليس نفسه وإنما مصالح القوم والمجموع ونوع صغير في ذاته وسلوكه مهما بلغ من الكبر عتيا همه الأول نفسه ومصالحها ولا شأن له بمصالح القوم والمجموع.
ومن هنا يتجلى القول الحكيم بأن من يكبر الصغار يألم ومن يحاول تصغير الكبار يندم فالصغار وفقا للحكمة ذاتها لا يكبرون فقد جبلوا على نمط حياة ضيق الأفاق محدود النظرات ولا يضيرهم متى جف الضرع الشروع في الصراخ ولعن الزمان والتنكر حتى لمن أخذ بأيديهم، وإذا ما خصموا فجروا، ومن هنا فلا يعتد بهم أبدا ولا يؤتمن جانبهم.
في المقابل فالكبار يظلون كبارا حتى لو جف الضرع وهلك الزرع فلقد جبلوا على نمط حياة مختلف يحول بينهم وبين الغدر والتنكر وإن خاصموا لا يفجرون أبدا وإنما هي مخاصمة الفرسان بكل ما فيها من قيم جليلة نبيلة، وإذا ما دعا الداعي لبوا النداء بلا تردد حتى وإن كانوا مخاصمين أو عاتبين، فهم يعتبون ولا يغضبون.
تلك حكمة تقودني إلى إستحضار حالة خصام في زمن غابر بين زعيمي قبيلتين، فجأة حضر الموت أحدهما وتوفاه الله، جاء الخصم وقال واقفا أمام جثمانه "والله إني أريدلك وأريدلك، لكن حد الموت، لا والله ما أريدلك".
هي أخلاق الفرسان التي يتمتع بها الكبار تحديدا ويفتقدها الصغار بالذات.. وليس إكتشافا جديدا أن من يحاول تكبير الصغار يألم، جراء ما يلقى من صدودهم وتنكرهم، ومن يحاول تصغير الكبار يندم، جراء ما يلقى من وفائهم وبعدهم عن التنكر والفجور مهما خاصموا أو خوصموا، فإن احتاجهم يلقاهم وفورا وبلا عتاب حتى.
نصيحة: لا تحاول أن تكبر صغيرا ودعه يكبر تلقائيا إن إستطاع، ولا تحاول أن تصغر كبيرا، فلن تنجح أبدا.
ملحوظة: ليس لهذا المقال أية مناسبة ولا مغزى في بطن الشاعر، وإنما هي خاطرة على هوامش الحياة، والله من وراء القصد